حديث عن "الرائد" الرائدة
عندما صدرت صحيفة "الرائد" سنة ١٩٥٩م كان اسم الرائد الذي اختاره المنشئون للصحيفة ينم عن إدراكهم لحقيقة لم تكن واضحة، ولا مكشوفة في ذلك الوقت، وكان لا يدركها حتى الذين كانوا من هواة الصحافة، فقد كانت الصحافة في ذلك العهد أقرب إلى الصدق رغم ميلها إلى الدعاية، ثم غلبت عناصر الدعاية.
وقد أصبح الكذب والافتراء الآن من سمات الإعلام المعاصر، وخاصة بعد ما تبنته الوكالات العالمية الغربية للإعلام بسائر أنواعها من الكتاب والصحافة والإذاعة والتلفزة والانترنيت والأفلام.
ومن يشك في هذا الاتجاه للصحافة بعد التجربة كل يوم، كيف يركز الإعلام على أخبار لا أساس لها من الصحة، وتغفل حوادث واقعة أو تمنح حادثاً بسيطاً حجماً كبيراً، وتبرزه، وتغفل أو تقلص حجم حادث كبير.
ويجرب ذلك اليوم كل من يطالع الإعلام بجميع أنواعه، ويظهر الكذب والافتراء للعيان، عندما يغيب الخبر أو التقرير الذي يقيم الدنيا ويقعدها في اليوم التالي بدون اعتذار.
إن هذا الاتجاه أو طبيعة تغطية الأخبار ليس بشيء عفوي أو بشيء يخص بجهة معينة، بل أصبح سمة الصحافة والإذاعة في العالم المعاصر، ويتصاعد بالإضافة إلى عناصر أخرى، كإشاعة الفحشاء ونشر صور عارية، أو تحليلات مثيرة للعواطف، فإن تخريب الأخلاق وإفساد كرامة الإنسان وشرفه وعزة نفسه والقيم المقررة للإنسانية باختلاف الأديان هو الآخر صار من سمات الصحافة المعاصرة التي تستند في التربية والتدريب على نظام التربية الغربية، الذي يستولى عليه الصهاينة، كما يستولون على نظام الاقتصاد العالمي،لأن ذلك يخدم مصلحتهم للاستيلاء على العالم عن طريق إفساد الأفكار، والأخلاق، والسلوك، وتلفيق الأخبار، وقلب الحقائق.
ولا يخفى المسئولون عن هذا الاتجاه للصحافة نواياهم، فقد قال الحاخام اليهودي راشورون في خطاب ألقاه بمدينة براغ في عام ١٨٦٩م: "إذا كان الذهب هو قوتنا الأولى للسيطرة على العالم، فإن الصحافة ينبغي أن تكون قوتنا الثانية". وكان في المؤتمر الصهيوني الأول الذي انعقد برئاسة تيودرهرتزل عام ١٨٩٧م في مدينة بال السويسرية نقطة تحول خطرة إذ أبدى المجتمعون "أن مخططهم لإقامة دولة إسرائيل لن يكتب له النجاح إذا لم تتم لهم السيطرة على وسائل الإعلام خاصة الصحافة سيطرة تامة".