العندليبة، السنجاب وابن الملك

طرائف عربية
29 سبتمبر, 2021

العندليبة، السنجاب وابن الملك

شاداب إبراهيم

قبل أيام كثيرة، هناك غابة واسعة على بعد ثلاثة أميال من مدينة لكناؤ، وقرى كثيرة واقعة فيها من هنا وهنا، ليس هناك بيت في القرى المنتشرة في الغابة إلا ما بنى من التراب والحشائش وكان يعيش في الغابة أنواع من الوحوش والطيور والدوابّ، وكان أهالي القرية يعتمدون للعيش على صيدها وبيعها في المدينة، وكان نواب ولاية أوده يقصدون إلى تلك الغابة في أوقات الفراغ للصيد والسياحة ومعهم الجنود الملكية والأفراس والأفيال وكلاب صيد مدرّبة.

وفي صباح يوم أراد الملك الخروج للصيد وكان يتمنى أن يرافقه ابنه في هذا السفر ولكن ابنه لا يريد ذلك، لأنه قد سمع من قبل بلسان الخدام أنها قد تصيب مصائب ومشاكل مختلفة خلال الصيد في الغابة وربما لا ينال الملك الماء لإطفاء غلته، لكن الملك أجبر ابنه للخروج معه قائلاً: لابد لك من الخروج معي وليس عليك أن تمشي في الغابة إلى هنا وهنا للصيد.

بعد الوصول إلى الغابة جلس ابن الملك كما أمره أبوه تحت ظلال “شجرة النيم” عليها وكر، وهناك على بُعد قدمين سمر وعليها أيضًا وكر، فخرج الملك نفسه للصيد وابنه قد جلس وحده تحت الشجرة وهو يرى ما يطير ويجلس على أغصان الأشجار من طيور وفراش، وبينما هو إذ جاءت عندليبة وجلست على غصن تلك الشجرة، فجعلت تتغرد أفراخها في عشها فاغرات أفواهًا، لذلك ارتفع نظر ابن الملك إلى العش والأفراخ وحدق إليها فأطعمت العندليبة أفراخها وهي ترفرف وتتغنى بصوتها العذب، فازدادت رغبة ابن الملك إليها، فجأة دعا أحد العندليبة من وكر السمر فتوجهت العندليبة إليه لكنه كره ابن الملك ذلك ولا يزال يرى مغاضبًا عش السمر الذي فيه سنجاب دعا العندليبة فردت عنه العندليبة قائلة:

ما وقع……….؟ ماذا تريد يا سنجاب؟

أريد السؤال عن شيء منذ أيام ولكن من المؤسف ما لقيتك في عشك قط.

نعم……. نعم…… أصبت في قولك…………. أذهب من هنا وهنا للبحث عن الطعام طوال النهار! أجابت العندليبة.

لا أفهم لماذا تختار شجرة النيم المر لبناء الوكر؟

هذا هو سؤال! تريد الجواب عنه! لماذا اختار شجرة النيم! وأنت تختار السمر لبناء وكرك نظرا إلى مرارة النيم! ردت العندليبة.

لا أكره شجرة النيم، ومرارتها، لأنها بدون ريب مُرّ، قال السنجاب وهو يرى إلى العندليبة نظرة سؤال.

فيا سنجاب هل ذقت مرارتها ولكنه يُرى أنت لم تذق حلاوتها حتى الآن.

ما تقول أنت ياعندليبة…..! هيهات النيم وحلاوتها.

يُرى أنك ما أكلت ثمرة النيم قط.

حاولت الأكل في طفولتي مرة فلا أستطيع أذكر مدى مرارتها…… أف……. ما قربت شجرة النيم بعد وماصعدت عليها.

يا سنجاب هذا جبن! واستسلمت له في مرة واحدة لوعانيت من المشاكل شيئاً لنلت حلاوتها، إن المصائب والمشاكل قدتأتى وتزول لكنه ما يحصل من شيء بعد معاناتها باق وقد تركت أكل ثمرة النيم لأجل انك تذوقتها مرة واحدة فحسب لذلك حرمت من حلاوتها حتى الآن.

وقد بدأ السنجاب أكل ثمرة النيم ولايزال يأكل إلى الآن بعد أن سمع من كلام العندليبة.

وقد كان يستمع ابن الملك ماجرى من الحوار من البداية إلى النهاية بين العندليبة والسنجاب، وبعد انتهاء الحوار بينهما يخرج من فمه.

من الممكن أن تضمر الحلاوة في المرارة والراحة في المصيبة!

وقد عزم من ساعتها أن يخرج للصيد في المستقبل.

×