خلق عظيم ولكن أين نحن من هذا؟!
23 سبتمبر, 2024قضية التربية وحضارة الغرب
21 نوفمبر, 2024الإسلام معجزة خالدة
سعيد الأعظمي الندوي
واجه التاريخ الإسلامي لأول مرة ومع بدء عهد الخلافة الراشدة وفي أيام الخليفة الأول أبي بكر الصديق رضي الله عنه فتنة كبيرة، وهي فتنة الردة التي ظهرت في بعض قبائل العرب، فما كان منه إلا الصمود في وجهها، ودحر هذه الفتنة العمياء بكل ما أوتي من علم وحكمة ورثهما من الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم، الذي تربى أمام عينه وبصره، وقضى كل لمحة لتلقي التربية النبوية في جميع مجالات الحياة، بل في كل لمحة منها.
إن المسئولية كانت ضخمة والتحدي كان عظيمًا، ولولا عبقرية أمير المؤمنين أبي بكر الصديق وتخرُّجه من مدرسة النبوة متشربًا بجميع تعاليمها ومطبقًا لقواعدها التربوية والحكمية على حياته، لما استطاع أن يرد كيد الكائدين في نحورهم، ويخلص الدين من فتنة الردة التي اصطنعها بعض العوامل المعادية المضادة في الجزيرة العربية.
لقد كان هذا الدين معجزة من بين المعجزات التي أكرم الله تعالى بها رسوله الحبيب صلى الله عليه وسلم، ولم يكن كسابق الأديان دينًا موقتًا، ولا رسالة مختصة بقوم أو بقعة من الأرض، إنه كان دينًا عالميًا كاملاً ومنسجمًا مع طبيعة الكون والإنسان، وهو الإسلام الذي ليس إلا منهجًا سماويًا قويمًا دائمًا يغطي جميع احتياجات الإنسان مع تباين الديار والأمصار واختلاف الزمان والمكان، ولذلك فكلما وجدت هناك دعوة قام بها سفهاء قوم أو أدعياء ديانة، إلى حضارة أو فلسفة إنسانية موقتة، فإنهم سوف لا يجدون إزاءها مسلمًا وإن كان ضعيفًا يصغي إلى تلك الدعوة الجاهلية، فضلاً عن أن يترك دينه، ويغير طريقه.
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم علم أمته – بوحي من ربه – أن الدين عند الله الإسلام، وأن المؤمنين إخوة، ولذلك فإن أول عمل قام به الرسول عليه الصلاة والسلام بعد الدعوة إلى توحيد الله تعالى ونبذ الشرك وعبادة الأوثان إلى مزابل الجاهلية الأولى، إنما هو تركيزه صلى الله عليه وسلم على الأخوة والاجتماعية التي يقوم عليها صرح المجتمع الإسلامي، ويستظل بظلاله الوارفة العالم البشري بأجمعه، ويتحول إلى أمة واحدة ذات جسد واحد، فقد أعلن بذلك مدوياً مجلجلاً: “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
أما معجزة القرآن الكريم كتاب الله الخالد الدائم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، فليست إلا المفتاح الوحيد لبوابة النعم التي فتحها الله سبحانه على مصاريعها لكي يختار الناس من خلالها كل ما أرادوه من نعمة الأمن والهدوء والعزة والسعادة، والقرآن حجة لمن آمن به وقرأه لبناء مستقبل الحياة، وتطبيق تعاليمه على جميع ما خلقه الله تعالى من آيات القدرة الخلاقة الفذة، والتفكير فيها ليتمكن من تمثيل محبة الله تعالى ومرضاته في جميع الأعمال، وإخلاص النوايا له مع كل نشاط وقصد، وبذلك تكتمل حياة الإيمان، وتصح العقيدة، ويتيسر الطريق إلى عبادة الله تعالى وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، وتمكين حبهما في أعماق النفس.
ومنذ أن انصرفت توجهات الناس إلى حب الدنيا وزخارفها والسير وراء الأهواء النفسية، ضعفت علاقتهم بين الإيمان الراسخ والعمل الخالص، واستحوذ عليهم الشيطان، وأوحى إليهم الكفر والعصيان والتجاوز عن حدود الإنسانية والسقوط إلى حضيض البهيمية، وواجهت المجتمعات البشرية أنواعًا من الأزمات والمحن، وأصيبت بأدواء خلقية ضاق عليها العلاج بكثرة المعالجات والمستشفيات والأطباء، وبدأ الناس يبحثون عن مأمن ويفتشون عن علاج، ولكن دون جدوى.
إن الدين الذي هو الإسلام ونزل على خاتم النبيين كدين كامل شامل دائم خالد، إنما هو العلاج ليس غير، فالعودة إلى هذا الملجأ ضمان للبقاء في سعادة وعز في الدنيا، وفي جنات ونعيم في الآخرة. فإلى الإسلام من جديد أيها الناس!