الشيخ جعفر مسعود الحسني الندوي

الشيخ الأستاذ جعفر مسعود الحسني الندوي وأسرته
20 مايو, 2025
هيهات لا يأتي الزمان بمثله
20 مايو, 2025

الشيخ جعفر مسعود الحسني الندوي

عادل حميد(*)

(*) السنة الرابعة من القسم العربي، دار العلوم لندوة العلماء بلكناؤ

ما أشد حزن القلوب حين تفقد عالما، وما أعمق جرح الأمة حين يغيب نجم من نجومها، وتخبو أنوارها، ويزداد ظلامها، وتبكي قلوب طلاب ندوة العلماء على من كان محبا لها.

ولد الشيخ جعفر مسعود الحسني الندوي في 13 سبتمبر 1960م، وكان عالما إسلاميا، ومربيا فاضلا، وكاتبا مرموقا. ضحى حياته للعلم وخدمة الدين، فترك بصمة لا تمحى في مسيرة الفكر الإسلامي. وقد كان انتقاله المفاجئ في 15/ يناير 2025م خسارة فادحة للعالم الإسلامي.

نشأ الشيخ جعفر مسعود في بيت مشبع بالعلم والإيمان، حيث كان العلم كالنهر الذي ارتوى منه منذ طفولته. كان والده المفكر الكبير الشيخ واضح رشيد الندوي أحد أعلام الفكر الإسلامي، فتعلم الابن من علم أبيه وسار على خطاه. كما تتفتح الأزهار في بستان يسقيها ماء نقي، ترعرع الشيخ جعفر في بيئة زاخرة بالعلم والإيمان، فكان ثمرة طيبة لشجرة مباركة. ولم يكن مجرد وارث لتراث علمي، بل كان امتدادا حيا له، وشجرة جديدة في بستان العلم، يضيف إليه بروحه المجددة، حتى صار عمدا من عمود الفكر والتربية الإسلامية.

كرس الشيخ جعفر مسعود الندوي حياته لخدمة العلم، فتولى مناصب مهمة في المؤسسات الإسلامية. شغل منصب الأمين العام لندوة العلماء، إضافة إلى ذلك كان نائب الرئيس الأول لرابطة الأدب الإسلامي العالمية. ولم يكن إداريا فحسب، بل كان أديبا وصاحب قلم مفكر، تولى رئاسة تحرير صحيفة “الرائد”، التي تلعب دورا كبيرا في إثراء الساحة الفكرية الإسلامية. وكان له إسهام متميز في كتابة عمود “براعم الإيمان”، وهو عمود في الصحيفة أصبح زادا فكريا لغويا يتغذى منه طلاب العلم، كما تتغذى البراعم من نور الشمس وماء المطر.

ما جعل الشيخ جعفر مسعود الحسني الندوي محبوبا في قلوب الناس، لم يكن علمه فقط، بل تواضعه ولطافة أخلاقه. على الرغم من مكانته العلمية المرموقة، كان قريبا من الجميع، بسيطا في تعامله، وعظيما في تواضعه. وعند كل من لقيه قصة أخلاقه الرفيعة وتواضعه الجميل، فكان عالما يملأ المجالس علما، ويملأ القلوب حبا.

كان خبر وفاة الشيخ الندوي كالصاعقة التي هزت قلوب طلاب الندوة ومحبيه من أنحاءالعالم. ولم يكن فقدانه خسارة شخصية لأسرته وطلابه فقط، بل هو جرح في جسد الأمة الإسلامية كلها، خاصة في قلوب طلاب العلم الذين فقدوا معلما وناصحا ومرشدا. ستفتقد ندوة العلماء خطاه، وستفتقد صفحات الفكر الإسلامي قلمه النير. انتقل جسده، ولكن فكره، وكتبه، وأثره في طلابه ستبقى حية. غاب الشمس، ولكن نورها سيبقى يشع في أفق الدين.

رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته، آمين

×