رسالة طالب إلى الأستاذ الحبيب

رائد أدب الأطفال في عصرنا
20 مايو, 2025
الشيخ الأستاذ جعفر مسعود الحسني الندوي وأسرته
20 مايو, 2025

رسالة طالب إلى الأستاذ الحبيب

عبد الله بن عبيد الله البتكلي

قال الله عز وجل: كل من عليها فان، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام، فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون.

سلام مني عليك وبركات الله يا شيخنا الفاضل.

رجاء أن تكون فى حياة رغيدة وعيشة سعيدة. وجنات نعيم. وأنهار متفجرة.

كنت صليت صلاة العشاء فى مسجد دار العلوم يوم الاربعاء. 15 يناير 2025م.

بعد الصلاة العشاء مباشرة. صعق الخبر كالصاعقة. وقعت الواقعة. وليست لوقعتها كاذبة. لا احد يتيقن انها صادقة. والواقعة حزينة. والعيون بالدموع سائلة. والقلوب حينئذ كاسرة. ووجوه يومئذ باسرة.

ما هو الخبر؟

إنها خبر وفاتك يا الشيخ. يا ليتك حييت طول الزمان. يا ليت كتب عمرك طويلا.

لكن لا نستطيع أن نفعل شيئا، يرفع الله الصالحين عاجلا. ونحن راضون بالقدر خيره وشره لأننا آمننا بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.

نحن خاضعون رؤوسنا أمام أمور الله. لأننا عابدون له. وساجدون له.

يا استاذي الحبيب:

ما فكرت أبدا أن تودعني هكذا بسرعة. وأن تفارقنى بعجلة.

قد ذقت ذائقة الموت. وأذقتني ذائقة الفراق. وأن الفراق أشد من الموت.

فسنة الله أن لكل ابتداء انتهاء. وأن كل اجتماع له افتراق. والتمام يعقبه الزوال.

والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم.

يا معلم الحب:

أذقتني الألم والوجع. وودعتني بغير توقع. احزنتني بفراقك. وابكيتني بوداعك. وأوجعتني بذهابك. إنك يا الشيخ ككوكب، يضيئ دار العلوم ندوة العلماء. فقدت تلك الكوكب اللامع.

يا مفكر الإسلام:

درست منك الفكر الإسلامي، والله لقد تأثرت بدرسك، وانفعلت بشخصيتك، وكنت أسمع درسك بشوق، وأنا أنتظر حصتك طول أسبوع. كنت مهرولا إليك لسماع خطبتك. ومتمتعا بحلاوة لسانك. ومستفيدا بنصحك. امطرت علي مطر علمك. أشربتني من منهل علومك. وأفضت علي من نبوع معلوماتك.

أين أبحث معلما مثلك؟ كيف أجد استاذا مثلك؟. من أين أجد نسمة كنسمتك؟

لا والله شخصيتك لا توجد. ووصفك لا توصف. ومحاسنك لا تنكر. درسك لا تنسى. ومكارمك لا تنفى. وفضائلك لا تحصى. ومناقبك لا تجحد. وحسناتك لا تعد.

إن ينابيع علمك قد جفت. فمن يشبعنا؟

وأشعة شمسك قد خمدت. فمن يشرقنا؟

ومشكاة مصابيحك قد ضئلت. فمن ينيرنا؟

وأزيز صوتك قد صمت فمن يسمعنا؟

وملامح كلامك قد اندمعت. فمن يكلمنا؟

وأغلى نصحك قد اكتمل فمن ينصحنا؟

كنت قضيتُ عطلة عيد الأضحى فى لكناؤ. فامتضعت منى لأننى ما قدمت قريتك فى أيام العيد. ذهبت إلى قريتك لأول مرة بعد مماتك للصلاة عليك. أنا آسف أننى ما قدمت فى قريتك فى حياتك.

كنت لا أعلم إنني راحل إلى بيتك الدنيا وإنك رحيل إلى بيتك الآخرة.

من يعلم أن الله قدر لي بالذهاب إلى قريتك بعد رحلتك من الدنيا.

من يعلم أن الضيف فى بيت المضيف. والمضيف ليس حاضرا.

يفكر دائما لخير لتلاميذه. ويفرح من رقيّهم.

ويجتهد لتربية تلميذه. ويعلمه الخير. ويعطى له علمه. كما يقلق الأب حب أولاده. وكما يشوش لأبنائه. وكما يفرح لرقي اطفاله. وكما يفنى نفسه لقرة عينه.

إن فى هذه الدنيا الخادعة الفانية نسمتين وشخصيتين فقط اللذان مخلصان لنا

منهما: الأبوان 2) الأستاذ المخلص. المعلم المحب.

وفاضت روح الأب الروحي.

أدعو الله ان يعطى الأب الحقيقي الصحة والسلامة والعافية. وأطال الله عمره.

يا معلمي المحب:

انك نور وضاء فضئل نورك. انك نجم لامع فخفت ضوؤك.

تواضعت فى الدنيا فرفعك الله فى الدنيا. علمت منك ما هو التواضع.

من تواضع لله يرفعه الله فى الدنيا والآخرة.

يا أستاذي المخلص:

قضيت حياتك طيبة. واعمالك صالحة. فانك فى الدرجات العلى.

مكانك فى جنات عدن تحتها الانهار وذلك الجزاء الأوفى.

يا جعفر مسعود.

مقامك فى سدر مخضود.

ومنزلك فى طلح منضود.

ومأواك فى ظل ممدود.

ومثواك فى ماء مسكوب.

سلام على جعفر فى العالمين. وكذلك يجزي الله المحسنين. إنه من عبادالله المؤمنين…

×