الشيخ جعفر مسعود الحسني: العالم الجليل والمربي المخلص
19 مايو, 2025يا أستاذنا سيظل ذكرك في قلوبنا خالدًا
19 مايو, 2025خسارة كبيرة في مجال الدعوة الإسلامية
بقلم: محمد توحيد خان الندوي(*)
(*) الأستاذ بمدرسة مظهر الإسلام لكناؤ
فقدت أسرة ندوة العلماء بوفاة الداعية الإسلامي الشيخ جعفر مسعود الحسني الندوي (رحمه الله تعالى) أحد العاملين الأوفياء لدعوتها الراسخة القوية إلى منهجها الأساسي ” الوسطية والاعتدال في الدعوة والعمل والكفر والأدب، والصحافة الهادفة البناءة.
كان فقيد الدعوة الإسلامية من سلالة طيبة حسنية، عريقة في المجد والعز، أصيلة في الدعوة والدين. وأنجبت هذه الأسرة رجالاً أفذاذاً عبر العصور، فهي أسرة ميمونة تتميز برجالها الأعلام في مختلف مجالات الحياة.
كان الراحل رحمه الله حاملاً في طياته الكثير من المزايا الأسرية، لأنه استقى من نبع العلامة السيد أبي الحسن علي الحسني الندوي رحمه الله تعالى وارتوى من منهل عمه فضيلة الشيخ السيد محمد الرابع الحسني الندوي رحمه الله تعالى وتربّى على والده الجليل فضيلة الشيخ السيد محمد واضح الرشيد الحسني الندوي رحمه الله تعالى، فسار على درب أسلافه الأعلام ونهج منهجهم في الفكر والعمل.
كان الراحل الكريم رحمه الله تعالى مدرساً معروفاً بقدرته الفائقة على تدريس المادة المسندة إليه، وأمضى أكثر من أربعين سنة في مجال التدريس، وكان مدرساً مؤتمناً، مقبولاً بكفاءته التدريسية كما شهد بأمانته وشعوره بالمسؤولية زميله الدكتور محمد أكرم الندوي في إحدى مقالاته حول مآثر الراحل الكريم رحمه الله تعالى وحياته التدريسية والإدارية الناجحة.
وكان الراحل الفاضل رحمه الله تعالى يكتب كتابات قيمة متوازنة التفكير، أدبية بالعربية والأردية، كانت تنشر في الصحف والمجلات، وخاصة مجلة “البعث الإسلامي” و”الرائد” الصادرتين من مؤسسة الصحافة والنشر من ندوة العلماء لكناؤ الهند، وقد طبعت مقالاته التربوية والأدبية بإسم “أخي العزيز” وطبعت افتتاحياته في “الرائد” بإسم “خواطر” وكذلك طبعت مقالاته باللغة الأردية بإسم “دعوتِ فكر ونظر” وكان يحمل قدرة فائقة على نقل الكتب الأردية إلى اللغة العربية فقد ترجم كتاب العلامة الشيخ السيد أبي الحسن علي الحسني الندوي رحمه الله تعالى “كاروان زندگی” باللغة الأردية إلى اللغة العربية بإسم “في مسيرة الحياة” وكتاب ترجم الشيخ الندوي حول حياة المحدث محمد زكريا الكاندهلوي رحمه الله بإسم “الإمام المحدث محمد زكريا الكاندهلوي ومآثره العلمية” ونقل كتاب عمه الشيخ محمد الثاني الحسني على حياة الداعية الإسلامي محمد يوسف الكاندهلوي رحمه الله تعالى من الأردية إلى العربية بإسم ” الشيخ محمد يوسف الكاندهلوي: حياته ومنهجه في الدعوة”.
حينما تقاعد الراحل الكريم رحمه الله تعالى عن مسؤولية التدريس بالمدرسة العالية العرفانية فلم يتقاعد عن الخدمات العلمية والدينية والدعوية بل واصلها وانتخب أمينًا عامًّا لندوة العلماء بلكناؤ فظهرت جهوده الرامية لتحقيق الأهداف المرجوة منه وانتعشت ندوة العلماء من جديد، ونشطت عملياتها في مجالاتها التدريسية والعلمية والأدبية بالتنسيق والتعاون الرائع بين الرئيس وبين الأمين العام.
بذل الفقيد رحمه الله تعالى مجهوداته لتطوير العمل الدعوي والثقافي والاجتماعي على أسس سليمة وعلى مبادئ الشريعة الإسلامية خاصة خلال مدة عامين ماضيين وسافر إلى الدول العربية والتقى بالعلماء العرب وتبادل معهم وجهات النظر وجدد الذكريات والصلات بينهم وبين ندوة العلماء وخاصة التقى بالندويين المقيمين في دول الخليج وتحدث معهم واستمع إلى طموحاتهم.
وكان الراحل الكريم رحمه الله تعالى يعيش حياة ساذجة ويلاقي الداني والقاصي برحابة الصدر وطلاقة الوجه ودماثة الخلق، ولم يزل يشغّل مؤهلاته في مواصلة مسيرة الدعوة الإسلامية والفكر الديني الإسلامي الصحيح حتى حانت ساعة لقاء ربه فارتحل مصداقاً حقاً للآية الكريمة” رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه”.