وداعاً يا رائد الملة الإسلامية!

دموع أسى الفراق على السيد جعفر مسعود الحسني الندوي – رحمه الله تعالى – (1960–2025م)
19 مايو, 2025
الشيخ جعفر مسعود الحسني: العالم الجليل والمربي المخلص
19 مايو, 2025

وداعاً يا رائد الملة الإسلامية!

بقلم: محمد سلمان البجنوري الندوي

ما إن سمع مَن في دار العلوم لندوة العلماء من الأساتذة والطلبة والموظفين عن حادثة وفاة الشيخ الأستاذ جعفر مسعود الحسني الندوي حتى جمد كل واحدٍ منهم في مكانه واجماً ساكتاً، لا يستطيع أن يتحرك، أو يقول كلمة، وكنت راجعاً من مسجدي في لكناؤ بعد أداء صلاة العشاء إلى منزلي في مكارم نغر، ورأيت أمام بيت الأستاذ إصطفاء الحسن الكاندهلوي (أستاذ بدار العلوم ندوة العلماء) الشيخَ السيد عمير الحسيني الندوي (أستاذ بمدرسة مظهر الإسلام بلوجفورة) والأخَ المكرمَ السيد أبا الحسن علي الحسني بن فضيلة الشيخ بلال عبد الحي الحسني الندوي قائمَين محزونين، مررتُ بهما ولكن ما شعرت بأي شيء، فاتصلت بالأخ محمد عاصم الإله آبادي (طالب بدار العلوم لندوة العلماء) فأخبرني بأن الشيخ جعفر مسعود صدمته سيارة في الشارع العام بمدينة رائي بريلي، فما إن سمعت هذا الخبر حتى اعتراني الحزن، واغرورقت عيناي، ولم أتمالك نفسي، ولا أكاد أن أتيقن بهذا الخبر المؤلم الحزين، وهرعتُ إلى دار العلوم لندوة العلماء، فإذا بطلبة يزدحمون أمام دار الضيافة لندوة العلماء، ويتساءلون عن الخبر، هل هو صحيح أم لا، إذ برز الأستاذ أنيس أحمد الندوي أمام الطلاب وأخبرهم بأن هذه الحادثة الفاجعة صحيحة.

كان شيخنا الراحل الكريم الأستاذ جعفر مسعود الحسني الندوي مؤمنا صادقاً ومحبوباً عند الله تعالى وعند الناس. قال تعالى في كتابه العزيز: –”إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا” وكان أهل الندوة من الأساتذة والطلبة والموظفين يحبونهم حباً، وكانوا معجبين به، وهذا الحب والإعجاب نابع من إخلاصه لله تعالى وشفقته وعطفه عليهم ونذره الأمة حياته وخدماته ومؤهلاته العلمية والأدبية والدعوية والفكرية بالقلم واللسان لخدمة الملة والدين، وهذا الحب نابع من مهارته في الكتابة العربية والأردية وبراعته في الخطابة المؤثرة، وتصلبه في الدين والشريعة، وتواضعه وطلاقة وجهه عند اللقاءات مع الكبار والصغار.

ومن أبرز صفات الفقيد الصلاح في سيرته وسلوكه، والنجابة في مروءته، والصفاء في قلبه، والصدق في وعده ولسانه، والسداد في قوله وعمله، واللطافة في خلقه، والسلامة في طبيعته وفطرته، والسذاجة في أكله وشربه ولباسه، والبساطة في هيئته وهندامه وسكنه، والاجتناب عن جرح مشاعر الناس بقلمه ولسانه، والاعتدال في كتاباته وخطاباته، وكان جامعاً بين القول والعمل، أديبا بارعاً، عالماً بارزاً، متحلياً بالأخلاق النبوية الشريفة، ووقافاً عند حدود الله، ولا يخاف في الله لومة لائم. وكان الفقيد رحمه الله رئيس التحرير لصحيفة “الرائد”، ورئيساً لرابطة الأدب الإسلامي في شبه القارة الهندية، وأمينًا عاماً لندوة العلماء، وعضواً لهيئة قانون الأحوال الشخصية للمسلمين في الهند، ومدرساً ناجحاً للتفسير والحديث والأدب العربي في مدرسة “عرفانية” من فروع ندوة العلماء بلكناؤ. وكانت حياته حافلة بأعمال كبيرة، وخدمات لائقة بالتقدير، وكان ينفق كثيرًا على المحتاجين وذوي الحاجات مخفيًا عن أعين الناس.

أولئك آبائي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع
×