ما هي عدتنا ليوم الحساب؟!
21 أكتوبر, 2020الأسوة الحسنة والإنسان
9 يناير, 2021كيف ينبغي أن نعيش اليوم؟
لقد طالت أيام الخوف من (كورونا وائرس- جراثيم كورونا) على العالم المعلوم، والناس يعيشون حياة خوف وحذر، ويستسلمون أمام الإشاعات التي تمارسها بعض الجهات الانتهازية في المجتمع البشري على المستوى العالمي، ومما يؤسف له أن أفراداً من أمة الإسلام يخضعون لكل شيء يُبثُّ عن طريق الأدوات والوكالات الإذاعية، من غير أن يتبينوه ويعرفوا حقيقة ذلك، ثم يتناول ذلك الطريق معظم أجزاء المجتمعات البشرية على اختلاف الديار والأمصار.
إن عادة الخضوع أمام كل رطب ويابس، وكل صدق وكذب، بدأت تتأصل في حياتنا، وخاصة – نحن المسلمين – الذين قد أمرهم الله سبحانه خالق الجن والإنس والكائنات كلها بالتبيُّن والتحقيق للأنباء والإشاعات، وقال في كتابه الدائم القائم، دستور الحياة والكون جميعاً: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ” [الحجرات:6] فكلمة “نبأ” نكرة تشمل كل نبأ يتعلق بفرد أو جماعة، فيجب أن يكون محقَّقاً ومصدقاً من خلال أدوات التحقيق وطرائق صادقة للتفتيش، إلا أن الناس في عامة الأحوال يسارعون في الثقة بما شاع، وإشاعته على أوسع مستوى بالزيادة والتهويل، وقد يُبتلى بهذه العاهة عدد كبير من أولي العلم، وممن يمثلون حياة إسلامية إلى حدّ كبير، ويكونون ذوي اعتبار لدى العامة بوجه خاص، نذكر بالمناسبة كمثال،حديث الإفك، الذي شاع في أقدس بقعة حول إحدى أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- الطاهرة الزكية رضي الله تعالى عنها، ذاك أن بعض المتربصين من الناس أو المتسارعين إلى تصديق الإفك، لم يصبروا على التبيُّن والتحقيق، وصدّقوه بأوسع نطاق رغم أن الموضوع كان ذا علاقة بأسرة طاهرة زكية ذات علاقة ذاتية بالنبي صلى الله عليه وسلم.
ولما كان هذا الموضوع ذا أهمية بالغة، وكان بأمس حاجة إلى تكذيب الإشاعة وتهديد المشاركين في الاستمتاع منها وتهويل شأنها،أنزل الله سبحانه تكذيب ذلك بطريق الوحي في عشر آيات من سورة النور في القرآن الكريم، حتى اطمأن قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشكرت أم المؤمنين -رضي الله تعالى عنها- الله سبحانه وتعالى على إعلان البراءة من التهمة الكاذبة التي أراد مرضى القلوب إلصاقها بأمّ المؤمنين، وإيذاء رسول الله صلى الله عليه وسلم (فليقرأ كل واحد منا عشر آيات من سورة النور، بدءًا من الآية الحادية عشرة إلى عشرين منها) وليدرس ما أودع الله فيها من درس دائم لإصلاح المجتمعات البشرية على اختلاف أزمانها وأمكنتها وبلدانها وبقاعها.
إن مجتمعنا نحن المسلمين في الوقت المتأخر من تاريخنا أصبح مركزاً للإشاعات،والثقة بكل ما يصدر عن البقاع المادية الانتهازية، التي تتحين الفرص لإضعاف أمة الإسلام بوجه عام، وإزالة ثقتها بجوهرة الإيمان والإخلاص، وإنشاء فكرة انتهازية خالصة بين المسلمين، ولاسيِّما إذا كانت أعمالهم وأفكارهم لا تمثِّل ما قد قال الله تعالى عن أصحاب الإيمان والصدق والإخلاص “إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ” [الحجرات:15].
فلندرس حياتنا اليوم في ضوء هذا الكلام المعجز لله تعالى وتقدس، ونركز في التعمُّق إلى ما يحتوي عليه من المفاهيم العالية والتعاليم الإلهية.
(سعيد الأعظمي الندوي)