التصعيد في كشمير بعد مجزرة باهالجام: انتكاسة للسلام؟

السلالة البرهمنية الهندوسية وعنصريتها
20 مايو, 2025
في مستهل العام الدراسي الجديد في رحاب الدار
22 مايو, 2025

التصعيد في كشمير بعد مجزرة باهالجام: انتكاسة للسلام؟

الدكتور محمد سعود الأعظمي

\تعيش كشمير هذه الأيام على وقع توتر متصاعد وهشاشة أمنية متزايدة، بعد الهجوم الدموي الذي وقع في 22 أبريل 2025 في بلدة باهالجام السياحية، وأسفر عن مقتل 25 سائحًا ودليل محلي، على يد مجموعة مسلّحة لا تزال هويتها قيد التحقيق. وقد شكّل هذا الهجوم نقطة تحول خطيرة في مسار الأحداث، ومفترقًا لنسف سردية “السلام والاستقرار” التي لطالما تبنّتها الهند، منذ إلغاء المادة 370 من الدستور عام 2019.

في تحليل نُشر على موقع الجزيرة نت بتاريخ 28 أبريل، أشار الصحفي ياشراج شارما إلى أن هذا الهجوم فجّر فقاعة الرواية التي صاغها رئيس الوزراء ناريندرا مودي، حين أعلن في سبتمبر 2024 عن بزوغ “كشمير جديدة خالية من الإرهاب”. لكنّ الدماء التي سالت على طرقات باهالجام وضعت هذه المزاعم تحت المجهر، وكشفت هشاشة الاستقرار الأمني المزعوم، بل وعمّقت الشكوك حول فعالية النهج الأمني الحالي.

وكذلك نشرت صحيفة ذا هندو تقريرًا يوم 29 أبريل بقلم بيرزاده آشيق، تناول ردود الفعل المحلية التي أعقبت المجزرة. فبعد موجة احتجاجات من الأحزاب الإقليمية، أُجّلت عمليات هدم طالت منازل يُشتبه بارتباط أصحابها بالمسلحين. لكن في المقابل، تسارعت حملات الاعتقال والملاحقة في وادي كشمير، مستهدفة من يُشتبه بتعاطفهم مع الجماعات المسلحة، في مشهد يُعيد إلى الأذهان سنوات القمع الأمني الثقيلة.

وفي تقرير ميداني لصحيفة BBC News نشره الصحفي نياز فروقي بتاريخ 27 و28 أبريل، كُشف النقاب عن هدم أكثر من عشرة منازل باستخدام المتفجرات، ضمن ما بات يُعرف محليًا بـ”العدالة بالجرافات”. هذه الممارسات أثارت ردود فعل غاضبة، خاصة في ظل قرار المحكمة العليا الهندية بحظر هذا النوع من العقوبات الجماعية، ما دفع بشخصيات سياسية كعمر عبد الله ومحبوبة مفتي إلى التحذير من عواقب خلط الأبرياء بالمذنبين، والدعوة للعدالة القانونية لا الانتقامية.

كما أوردت صحيفة الجزيرة الإنجليزية أن حملة المداهمات والاعتقالات الواسعة أسفرت عن توقيف أكثر من 1500 شخص، وهي أكبر حملة من نوعها منذ سنوات، فيما لم تُعلن السلطات بعد عن أي أدلة حاسمة حول الجهة المنفذة للهجوم. وقد ترافق هذا التصعيد الأمني مع توترات متزايدة على الخط الحدودي مع باكستان، وسط تبادل للاتهامات وتلميحات إلى احتمالات تكرار الردود العسكرية كما حدث في 2016 و2019.

أما صحيفة The Quint، فقد ربطت الهجوم بالتناقضات التي تعصف بالسردية الرسمية حول السلام في كشمير. وفي مقال تحليلي للكاتب شاداب مويزي نُشر يوم 26 أبريل، تم استعراض المفارقة المؤلمة في استشهاد الملازم “فيناي نروال” بعد زواجه بأيام معدودة، في منطقة يُفترض أنها الأكثر أمانًا للسياح. كما أشار التقرير إلى الثغرات في السياسة الأمنية، مبرزًا عجزًا يصل إلى 92 ألف جندي، ونقصًا واضحًا في أعداد الضباط. وفي لمسة إنسانية مؤلمة، أورد التقرير قصة الشاب الكشميري “سيد عادل شاه” الذي قضى نحبه أثناء إنقاذه للسياح، مما يعكس مجددًا أن الكشميريين أنفسهم هم أول ضحايا العنف، وليسوا كما يُصوَّرون أحيانًا شركاء فيه أو داعمين له.

أمام هذا المشهد المتأزم، تعود كشمير إلى دائرة العنف والقلق، رغم ما يُرفع من شعارات السلام والتقدم. فالمجزرة الأخيرة لم تكن مجرد اعتداء مسلح، بل هي اختبار قاسٍ للسياسات المتّبعة، وناقوس خطر يقرع في وجه الدولة الهندية، ليعيد التذكير بأن الأمن لا يُفرض بالقوة وحدها، بل يُبنى بالعدالة، والحوار، والثقة المتبادلة. هل سيكون في هذا التصعيد فرصة لمراجعة حقيقية؟ أم أن كشمير ستبقى رهينة دورة العنف المزمن والتوظيف السياسي؟.

×