السلالة البرهمنية الهندوسية وعنصريتها

من سمرقند إلى دلهي: تكرار التاريخ في استهداف مؤسسات الوقف
20 مايو, 2025
التصعيد في كشمير بعد مجزرة باهالجام: انتكاسة للسلام؟
22 مايو, 2025

السلالة البرهمنية الهندوسية وعنصريتها

عبد المتين الندوي

تدّعي الهند أنها أكبر ديمقراطية في العالم، لكن واقعها الاجتماعي يروي قصة مختلفة. فبرغم ما يضمنه دستورها من ديمقراطية ومساواة وعدل، تظل الامتيازات تُمنح – منذ قرون وحتى اليوم – على أساس العنصرية، ويُعامل المنبوذون والطبقات المتخلفة كمواطنين من الدرجة الثانية، محرومين ليس فقط من فرص التطور الاجتماعي والتعليمي والاقتصادي، بل إذا حاول أحدهم السعي للتقدم، تُقام في طريقه عوائق الظلم والاضطهاد.

وأوضح مثال لذلك هو الحادثة المروعة التي تعرضت لها الدكتورة شبرا أوكّے، والدكتور شيو شنكر داس، اللذان خاضا مواجهة قاسية استمرت ست سنوات. وإن قضيتهما تُبرز النظام الاستغلالي السائد بين الطبقات، حيث يُمارس الاعتداء والاضطهاد. وانتصارهما في هذه القضية كان نصرًا كبيرًا للعدالة في الهند، وأن الإنسان إذا بذل جهده وسعى بإخلاص لتحقيق العدل، فإن النجاح سيأتيه رغم الصعاب. لكنه يكشف أيضًا مدى تجذر الظلم والتمييز في المجتمع، وهو عار على جبين الديمقراطية الهندية.

الدكتورة شبرا أوكّے، وزوجها الدكتور شيو شنكر من كبار الباحثين المنبوذين المتسلحين بالعلم. و”جريمتهما” هي رغبتهما في قضاء حياة أكاديمية حرة تعتمد على مواهبهما العلمية، وهو أمر رفضه البراهمة، والجدير بالذكر أنهما كانا يعملان على مشروع تحقيقي، يجمعان البيانات والتقارير، ويؤلفان المقالات العلمية على مدى سنوات. لكن تقدمهما العلمي أصبح تهديدًا، خاصة عندما انخرطا في حركات العدالة الاجتماعية وسعيا لنيل حقوق المنبوذين تحت مظلة مؤسسة “روهت ويمولا”.

في عام 2018، بينما كانا في دلهي لأغراض بحثية، تعرضت شقتهما لغارة منظمة. دُمرت محتوياتها ونُهبت ثروتهما العلمية التي أعداها بجهد مضنٍ. لم تكن هذه مجرد سرقة، بل مؤامرة لمنع الباحثين المنبوذين من التقدم، وإفقارهم ماديًا وفكريًا ليمنعوهم من العودة إلى ميدان البحث. عندما عادا ورأيا الدمار، توجهَا إلى الشرطة، لكنهم رفضوا تسجيل شكواهما في البداية، وأجلسوهما ساعات قبل أن يكتبوا قضية تافهة تحمي المجرمين. لاحقًا، عندما وصل الأمر إلى المحكمة، تم طمس الأدلة الأصلية أو تقديمها بطريقة غير صحيحة بتدبير من الشرطة.

بدلاً من أن تكون الشرطة درعًا للمظلومين، أصبحت سيفًا مسلطًا على رقاب الساعين للخروج من مستنقع التهميش. تأخر تسجيل القضية وطُمست الأدلة، ورغم حكم المحكمة لصالح الشاكين بعد ست سنوات من المعاناة الذهنية والمالية والجسدية، فإن سبعة من ضباط الشرطة المذنبين –وفق التحقيق الداخلي– لم يتلقوا عقوبة دستورية حقيقية، بل تم تعليق زياداتهم لبضعة أشهر فقط، في استهزاء واضح.

هذه القضية ليست خاصة بالدكتورة شبرا وشيو شنكر فحسب، بل هي قضية كل منبوذ ومسلم وطبقة متخلفة تتحدى هيمنة البراهمة. فإن نظام العنصرية في الهند، الذي قيّد تقدم البلاد لقرون، يحرم المنبوذين من التعليم والفرص العادلة، كما حدث مع شبرا وزوجها. لا يُمنحون وظائف رسمية تليق بهم، وإذا تقدم أحدهم بمواهبه، يُعاق بشتى الطرق. يركز البراهمة كل إمكانياتهم على عرقلة تقدم المنبوذين والطبقات المتخلفة واستعبادهم، وهذا ليس ظلمًا لهم فقط، بل للإنسانية جمعاء. فإذا حُرم الإنسان من حقوقه بناءً على مكانته أو ولادته أو قبيلته، فلن ترتقي تلك البلاد التي ينتمي إليها ذلك الإنسان، ولن يعمها الأمن والهدوء. لذا، تقع على كل فرد في هذه البلاد مسؤولية الوقوف ضد هذا الظلم.

×