طاقة أقوى من الطاقة المادية
18 يونيو, 2022الحج تعبير عن العبودية المخلصة لله تبارك تعالى
17 يوليو, 2022رحمة للعالمين صلى الله عليه وسلم
الشيخ محمد الرابع الحسني الندوي
كانت المحبة والصفح وعاطفة المؤاساة وحبّ الخير للجميع، الصفة الغالبة لحياة الرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان غاية في هذه الأوصاف المثالية النبيلة، وكانت آثارها على المسلمين وآثار تربيته لعقولهم ونفوسهم، بعيدة المدى، ولم تزل تلمس في حياة المسلمين في عهده والأجيال التالية، وكان من نتيجة هذه التربية النبوية أن سائر المناطق التي قامت فيها الحكومة الإسلامية بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم،أو وطئت أرضها أقدام المسلمين، أواستوطنوها، دخل أهلها في الإسلام أفواجًا بعد ما شاهدوا وجرّبوا أخلاق المسلمين؛ من الرحمة والعطف، والعفو والصفح، وحب الخير والمؤاساة والمساواة، والعدل والإحسان إلى من أساء، ولم يجبرهم أحد من المسلمين على اعتناق الإسلام؛ لأن الإسلام لا إكراه فيه ولا إجبار، بل إنه ينهى عن ذلك حتى أن غير المسلمين في الحكومة الإسلامة لا يُكلَّفون مثل ما يُكلَّف المسلمون من واجبات ومسئوليات، وتمنح لهم حرية العمل بأديانهم وتقاليدهم، ولا تفرض على عاداتهم القومية الدينية قيود، فبفضل هذه التعاليم الإسلامية السمحة انتشر الإسلام في كل بقعة من بقاع العالم، وكل من شاهد أو جرَّب هذه المبادئ الإسلامية اعتنق الإسلام.
وكان الدخول في الإسلام يعني أن يجعل الإنسانُ اللهَ ربَّه ومالكه وخالقه، ويعمل بالأحكام الإلهية التي وصلت إليه بواسطة النبي صلى الله عليه وسلم، ويمتنع عن الظلم والاعتداء،والانحراف الخلقي والجنسي الذي كان سائداً قبل الإسلام، فبدأ العمل بذلك واستمر، وصلح المجتمع الإنساني صلاحًا، ونشأت فيه فضائل إنسانية، ومحاسن خلقية تجلّت بفضلها المثل الإنسانية العليا والسلوك الإنساني الأفضل في أروع مظاهرها وأحسنها.
وبفضل المثل الخلقية والقيم الإنسانية العليا النبيلة التي فرضها الإسلام ودعا إليها، من الرحمة والمؤاساة، وحب الإنسانية، والعطف والتعاون، قد وقع انقلاب رائع في كل مكان، ذهب إليه المسلمون بهذه القيم العليا الإسلامية، وساد الأمن والسلام، وارتفع الظلم والاعتداء الذي كان سائداً وعاماً في المجتمعات الإنسانية على أساس التفاوت الطبقي، أو على أساس التمييز بين الرجل والمرأة، وبين الحاكم والمحكوم، والسيد والمسود، أو الصراع الحربي، أو كان سائداً بمجرد الاستلذاذ والتمتع والتنعم كما كان في المجتمع الرومي .
فجاء رسول الرحمة والإنسانية فقضى على جميع هذه الطرق والصور الظالمة الوحشية، فحل الربيع وولَّى الخريف،تغيَّر الوضع، وحدث انقلاب هائل في الحياة، فبذلك لم يكن رحمة للناس فحسب، بل كان رحمة للناس والحيوانات وجميع المخلوقات كما قال الله عزوجل: “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ”.