أمراض المجتمع وعلاجها
14 أغسطس, 2024رحيق القلم من وحي شهر ربيع الأول
23 سبتمبر, 2024أسوة حسنة للحياة الإنسانية
محمد الرابع الحسني الندوي
لقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم أسوة كاملة للإنسان الطالب لصفات إنسانية كاملة، وهومخلوق ميَّزه الله تعالى على المخلوقات الأخرى؛ بخصائص تجعله خليفة على هذه الأرض، وجعل أسس هذه الخصائص داخلة في فطرته على المستوى المطلوب،وقد مرَّ الرسول صلى الله عليه وسلم من خلال أحوال وأوضاع صعبة لصلاح الإنسان باتصافه بالخصائص الإنسانية الرفيعة، وهي تساعد الإنسان في اختياره لصفات ترفعه على المخلوقات الأخرى، وتؤهله لأداء دور عظيم وفريد على هذه الأرض،و جعل الله أكثر مخلوقات الأرض منقادة للإنسان؛ ليستخدمها لأداء دوره الرفيع، ومن أهم خصائص الإنسان أنه مخلوق اجتماعي يؤدي عمله بالتعاون فيما بين أفراده،و يحمل عواطف خلقية متبادلة بين بني جلدته؛ يحتاج إليها لأداء دوره في هذه الأرض.
لقد ولد الرسول صلى الله عليه وسلم في بيئة محدودة مجردة من أسباب التمدُّن ووسائل المعيشة الغنية الراقية، وكانت بيئة أمية جاهلية، وأنه ولد فيها يتيمًا ولم تحصل له أسباب الراحة المطلوبة لتسهيل حياته في هذه البيئة، فقد لقي منذ طفولته ظروفًا غير سهلة، واحتملها بصبر، وبمحافظة على الخصائص الإنسانية اً لم تحصل له أسباب الراحة الموجودة في هذم تحصل له أسباب الراحة الموجودة اجتمالرفيعة، ولم يظهر زجرًا وكآبة من ظروف حياته الصعبة، ولم يمض عليه بضع سنوات حتى أصيب بمزيد من اليتم، وهو وفاة أمه كذلك،وصبر عليه، وعاش بين أترابه وأبناء بلده بسلوك حميد،اعترف به أصحابه ومواطنوه حتى لقبوه بـ”الصادق الأمين”.
فقد كان يتعامل مع بني وطنه تعاملاً أخويًا صالحًا في مناسبات تعاونية اجتماعية، مثل مشاركته في حلف الفضول، وفي مناسبة وضع الحجر الأسود عند بناء الكعبة الذي كان قد أصبح مشكلة خطيرة، كان يمكن فيها أن يكون هناك تقاتل فيما بين العاملين لبناء الكعبة، وكان يعين المظلوم، ويحسن إلى الناس عندما تكون مناسبة ماسة إلى ذلك، ونظرًا إلى ضيق العيش الاقتصادي قام برعى الماشية على الأجرة عند صغر سنه، واشتغل بالعمل التجاري، وأثبت نجاحه في هذا العمل كذلك حتى نال الثقة من امرأة ذات شرف وغنى في عمله هذا، إلى أن طلبت منه الزواج، وقوى بذلك عمل التجارة لهذه الأسرة، كما أن المحبة والألفة الزوجية سادت على هذه الأسرة.
وبحصوله على الطمأنينة الاقتصادية وجد فرزواج، وقى بذلك عملصة للتأملات الخلقية ذات صبغة دينية، فكان يختلى لذلك في مكان بعيد عن العمران في غار مرتفع على جبل مجاور، إلى أن نال قبولاً عند الله، وأتى إليه وحيُه، وآتاه الله تعالى مسئولية الإنذار والتبشير وإصلاح سيرة الناس، وتقويم حياتهم، فقام بأداء مسئولية النبوة والرسالة، وأدى هذه المسئولية ببذل جهد كبير جدًا، لقي في ذلك أذى كثيرًا، فصبر عليه،ولم تضعف همته وعزيمته حتى استطاع إصلاح الناس وتزكية أخلاقهم، وتصحيح عقائدهم، وتحسين أعمالهم إلى أن نشأ مجتمع صالح على المستوى الرفيع في بلده العربي الواسع.
واستطاع ذلك في مدة لا تتجاوز 23 سنة، إحداث انقلاب إنساني عظيم، وتحويل جزيرة العرب من المساوئ إلى الحسنات، ومن الخلاعة إلى الالتزام بمحاسن الحياة،وانتشر بذلك الإسلام؛ ذلك الدين السماوي الرفيع الذي قرره الله تعالى للإنسان ليكون أشرف مخلوقاته على الأرض، وجعل رسوله هذا الأخير أسوة كاملة، وأشرف نموذج للحياة الإنسانية، وصارت سيرة رفيعة للإنسان إلى يوم القيامة. صلى الله عليه وسلم كثيراً كثيراً.