التخلق بالأخلاق الكريمة
14 أغسطس, 2024يسر الدين وسماحة الشريعة الإسلامية
عبد الرشيد الندوي
عن محمود بن الربيع عن عِتْبانَ بن مالِكٍ وهو مِن أصْحابِ رَسولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الأنْصارِ أنَّه أتى رَسولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ قدْ أنْكَرْتُ بَصَرِي، وأَنا أُصَلِّي لِقَوْمِي فَإِذا كانَتِ الأمْطارُ سالَ الوادِي الذي بَيْنِي وبيْنَهُمْ، لَمْ أسْتَطِعْ أنْ آتِيَ مَسْجِدَهُمْ فَأُصَلِّيَ بهِمْ، ووَدِدْتُ يا رَسولَ اللَّهِ، أنَّكَ تَأْتِينِي فَتُصَلِّيَ في بَيْتِي، فأتَّخِذَهُ مُصَلًّى، قالَ: فَقالَ له رَسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عليه وسلَّمَ: سَأَفْعَلُ إنْ شاءَ اللَّهُ قالَ عِتْبانُ: فَغَدا رَسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَبُو بَكْرٍ حِينَ ارْتَفَعَ النَّهارُ، فاسْتَأْذَنَ رَسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأذِنْتُ له، فَلَمْ يَجْلِسْ حتّى دَخَلَ البَيْتَ، ثُمَّ قالَ: أيْنَ تُحِبُّ أنْ أُصَلِّيَ مِن بَيْتِكَ قالَ: فأشَرْتُ له إلى ناحِيَةٍ مِنَ البَيْتِ، فَقامَ رَسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَكَبَّرَ، فَقُمْنا فَصَفَّنا فَصَلّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، قالَ وحَبَسْناهُ على خَزِيرَةٍ صَنَعْناها له، قالَ: فَآبَ في البَيْتِ، رِجالٌ مِن أهْلِ الدّارِ ذَوُو عَدَدٍ، فاجْتَمَعُوا، فَقالَ قائِلٌ منهمْ: أيْنَ مالِكُ بنُ الدُّخَيْشِنِ أوِ ابنُ الدُّخْشُنِ؟ فَقالَ بَعْضُهُمْ: ذلكَ مُنافِقٌ لا يُحِبُّ اللَّهَ ورَسولَهُ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لا تَقُلْ ذلكَ، ألا تَراهُ قدْ قالَ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، يُرِيدُ بذلكَ وجْهَ اللَّهِ قالَ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: فإنّا نَرى وجْهَهُ ونَصِيحَتَهُ إلى المُنافِقِينَ، قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فإنَّ اللَّهَ قدْ حَرَّمَ على النّارِ مَن قالَ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، يَبْتَغِي بذلكَ وجْهَ الله
تخريج الحديث: أخرجه البخاري (425) ومسلم (33) والنسائي (1327)، وابن ماجه (754) وأحمد (23770) وابن حبان (2075).
شرح الحديث: حديث عتبان رضي الله تعالى عنه هذا يتضمن فوائد جمة.
منها أن الدين يسر وأن الشريعة الإسلامية سهلة سحمحة فانظر كيف قبل النبي صلى الله عليه وسلم عذر عتبان ورخص له في الصلاة في البيت من أجل ضعف البصر ومن أجل المشقة والحرج في الأمطار والسيول.
منها دعوة الصالحين إلى البيت وانتهاز الفرص السانحة لذلك والتبرك بآثارهم.
ومنها استحباب تعيين موضع من البيت للصلاة والعبادة.
ومنها استحباب تأليف قلوب الناس بإجابة دعوتهم وتشريفهم بالزيارة والحضور في بيوتهم.
ومنها جواز الجماعة للنوافل أحيانا. ومنها أنه ينبغي للإنسان أن يركز على الغاية التي يتوخاها ويبدأ بها قبل كل شيء لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجلس في البيت حتى قام بتحقيق الهدف الذي جاء من أجله وهو تعيين المكان للصلاة بأداء صلاة فيه بنفسه الشريفة.
ومنها أنه لا ينبغى أن يرمى عباد الله بالنفاق والكفر والزندقة وما أشبه ذلك من أجل ما يصدر منهم بعض الأخطاء او ما لا ينبغي مما قد يكون لهم فيه عذر، بل يلتمس العذر لهم ما أمكن.
ومنها أنه ينبغي الرد على المغتاب والمنافحة عن عرض المسلم.
ومنها إكرام الزائر وقرى الضيف بما تيسر ولو شيئًا يسيرا متواضعا.