التناقض في وسائل التربية يؤدي إلى صراع عقلي وحضاري
7 سبتمبر, 2022ولد الهدى فالكائنات ضياء
4 أكتوبر, 2022الحاجة إلى إعادة النظر في الاستراتيجية
محمد الرابع الحسني الندوي
إن الظروف الحالية في العالمين العربي والإسلامي تقتضي اختيار استراتيجية جديدة أجدى، وأراها في الأوضاع الحالية اختيار سبل مختلفة لتصحيح فهم الطبقة المثقفة فهي التي قد أسيئ فهمها عن طريق مناهج التربية والتعليم الحديثة التي يهيمن عليها منذ أكثر من قرن،التصوُّر الغربي للحياة الخالي من الإيمان بجدارة الدين لمسايرة الحياة، كما أسيء فهمها مع فهم الجماهير المسلمة الغافلة عن طريق الإعلام الذي تطور في أيدي الغربيين تطورًا هائلاً حتى بدأ يؤدي واجب المدرس في المدرسة وواجب الوالد والوالدة في المنزل وحق الزميل لزميله والرفيق في السفر وغيره،وذلك بوسائل الإعلام الجديدة التي لا تقف على حدود جدران البيوت ولا على حواجز الغرف والمخادع.
فإن هذه الوسائل قد أثرت على أذهان الناس وتصوراتهم عن الدين والحياة بحيث كادت أن تقصيها عن الإيمان بضرورة الدين وحتميته للحياة،وعن الإيمان بالآخرة وبصلاحية الدين الإسلامي لمواكبة الحياة،أصبح المؤمنون بقيم الإسلام ومثله بذلك طبقة صغيرة ومحصورة من الناس لا يؤثر صوتها ولا يؤثر على النفوس إلا في حدود ضيقة.
فإنه لابد من معالجة الأمر باستخدام الأدب ووسائل التربية والإعلام بأكثر ما كان يتيسر وأقوى ما يمكن، ليزداد حجم طبقة المؤمنين بجدارة الإسلام للحياة، ولا عجب في أن تتأثر بذلك أذهان عدد من المستصرفين لشئون البلاد فتتأثر سياستهم وفكرهم وتضعف معارضتهم للاتجاه الإسلامي.
لاشك أن الدعاة المسلمين المخلصين أصبحوا يستخدمون الصحافة ووسائل الإعلام ولكنها محدودة في الإطار الإسلامي البحت،إنه لابد من التوغل في مجال الصحافة السائدة العالمية والقطرية معًا، بإدخال صحفيين إسلاميين فيها حتى يبرز هناك أيضًا صوت إسلامي كما لابد من الاتصال بالطبقة الحاكمة على الصعيد الشخصي والتأثير على أفرادها وكسب استجابتهم للاتجاه الإسلامي الرشيد.
وكيف لا ننجح في هذا وقد نجحت بمثل هذا المنهج الجالية اليهودية في أمريكا حتى وصل أفرادها بشكل خبراء وإخصائيين إلى المراكز الحساسة في البلاد وأحاطوا بالمركز العالمي للحكم، فهم يؤثرون على سياسة البلاد إلى أنهم يخضعونها لمصالح أمتهم ودينهم في الخارج فضلاً عن الداخل ولم تكن ذريعتهم في ذلك هو المكر والدهاء بل العمل المضني والتوغل في الطبقات المالكة لأزمة البلاد من صحافة واقتصاد وسياسة كذلك وبجهد مضن.
إن الظروف الحالية في العالمين العربي والإسلامي ظروف حالكة وأكبر سبب في ذلك هي غفلة أكثرنا في اختيار الطرق العملية الجادة التي تحتاج إلى الجهد الصامت لا الكلام والاحتجاجات والمناقشات العنادية وحدها.