الشيخ أبو الجلال الندوي

منهج الشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي في الفكر والدعوة (14)
27 أكتوبر, 2022
منهج الشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي في الفكر والدعوة (15)
26 نوفمبر, 2022

الشيخ أبو الجلال الندوي

مبين أحمد الأعظمي الندوي

الشيخ أبو الجلال الندوي: كاتب، وباحث، وناقد، وصحفي، ومعلم، وعالم بفقه اللغة (Philologist)، ومتخصص في مقارنة الأديان. فكان يعرف اللغة الأردية (لغته الأم)، والعربية، والفارسية، والإنكليزية، والهندية، والسنسكريتية، والعبرية. يجيدها كلها ويقرأها بطلاقة. كما أنه كان يقف بشكل تام على العلوم الدينية من القرآن والحديث والفقه، وعلى علوم الديانات الأخرى الهندية، بما فيها ديانة الهندوس. وعلاوة على ذلك، إنه بارع وعديم النظير في قراءة المخطوطات والكتابات الحجرية، وشرح الأختام والنقوش والعملات القديمة. عمل في تحقيق الخط السندي القديم في ضوء الأختام القديمة. وكسب شهرة واسعة في هذا الحقل. يروي ابن أخيه الأصغر أحمد حاطب الصديقي عن جدته من الأم تقول: ” كان أبو الجلال بحرا زاخرا من العلم، إذا بدأ الحديث عن موضوع، صار عليه ساعات طوال، لا ينتهي كلامه، ولا يسأم سامعه، وتمنينا أن يستمر في كلامه، ونحن نسمعه”. ومن المعلوم أن الخطب التي ألقاها السيد سليمان الندوي والعلامة إقبال في مدراس كان أبو الجلال الندوي هو المحرك والباعث الأول على ذلك.

مولده ونشأته ودراسته:

ينتمي الشيخ أبو الجلال الندوي إلى أسرة علمية كريمة تسكن قرية “محي الدين فور” من مديرية أعظم جراه في ولاية أترابراديش الهند. ويتصل نسبه بالخليفة الأول أبي بكر الصديق رضي الله. ولد في 22/ أبريل عام 1891م أو 1894 في بلدة تشريا كوت (Chiraiyakot) من المديرية نفسها (من مديرية مئو حالياً)، حيث كان بيت جدته من الأم. جعله الشيخ عنايت رسول التشريا كوتي يقرأ بسم الله ويبدأ دراسته الابتدائية بحسب الطريقة المتبعة في أكثر البيوتات الدينية في الهند. وتلقى تعليمه الابتدائي للعلوم العربية من الصرف والنحو على يد والده، والمولوي إلياس. ثم دخل دار العلوم لندوة العلماء، وتخرج فيها.

في معترك الحياة:

بعد التخرج في دارالعلوم لندوة العلماء، أصبح مدرساً في كلية شبلي الوطنية بأعظم جراه. ثم استدعاه السيد سليمان الندوي إلى دارالمصنفين أكاديمية شبلي عام 1923م، وولّاه منصب رفيق علمي فيها. فكان يكتب في مجلتها العلمية تحت العنوان الرئيسي “أخبار علمية” و” باب التقريظ والانتقاد”. عمل في دارالمصنفين قرابة ست سنوات ثم سار إلى عمرآباد في مدارس عام 1927م أو 1928م، حيث عين مديراً لـ “كلية الجمالية العربية”. خلال إقامته في تلك المدرسة، أصدر صحيفة أردية باسم “مسلمان” بالتعاون مع السيد سلطان البهمني ونذير أحمد شاكر باللغة الأردية. وبحكم أنه كان شغوفاً بالبحث والتحقيق، رجع مرة أخرى إلى دارالمصنفين عام 1946م، وبدأ يكتب هناك حول “أعلام القرآن” امتثالاً لأمر السيد سليمان الندوي. فكتب عديداً من المقالات ذات الموضوع، بما فيها “أصحاب الأخدود”، و” قصة أصحاب الفيل وتاريخها”، و”ذو الكفل عليه السلام” و”الروم” و”أيوب عليه السلام” و”أحاديث عاشوراء”، و” ذكر معجزة شق القمر في القرآن الكريم” وما إلى ذلك. كلها يكشف عن براعته وخبرته في معرفة صحف أهل الكتاب إلى جانب علوم القرآن الكريم، وتاريخ الأمم السامية. ويجدر بالذكر أن الباحث الشهير الدكتور حميد الله عند ما قرأ مقالاته في مجلة “معارف” أعجب به إعجاباً شديداً، فيقول في إحدى رسائله إلى الشيخ معين الدين الندوي وهو يبدي إعجابه به: ” من أين طلع هذا النجم الثاقب على أفق دار المصنفين العلمي!!.

رحلته إلى باكستان:

تم تقسيم الهند إلى بلدين، وكان أبو الجلال الندوي لا يريد ذلك، ويخالفه قدر المستطاع. ويبدو أنه لا يحب سياسة حزب المؤتمر الوطني، فصمم الرحلة إلى باكستان، ألح عليه الحكيم أجمل خان سكرتير أبي الكلام آزاد، والشيخ عبدالرزاق المليح آبادي زميله في الدرس أن يمكث في الهند ولا يرحل إلى باكستان، وأكدا له دعم حزب المؤتمر الوطني. ولكنه لم يقبل، وقال: لا أسيء إلى سمعتي بقبول الدعم من حزب المؤتمر الوطني. ورحل إلى باكستان في آخر أمره.

وفاته:

توفي الشيخ أبو الجلال الندوي في 14/ أكتوبر 1984 في كراتشي، ودفن في مقبرة سعود آباد بملير.

×