بين الحقيقة والرياء!

ميزة الإنسان ودوره في الكائنات (2)
4 أكتوبر, 2022
غاية خلق الإنسان في هذا العالم!
26 نوفمبر, 2022

بين الحقيقة والرياء!

(سعيد الأعظمي الندوي)

في كتاب الله تعالى كلمات كثيرة تكرَّر بيانها ضمن الآيات والأوامر التي يحتوي عليها هذا الكتاب الكريم، ويشرح للقراء مغزى تختلف مفاهيمها ومعانيها عما حوت عليه آيات كتاب الله تعالى، وذلك مثلاً كلمة “ويل” بدأ بها الله سبحانه سورًا عديدة أو ذكرها في أثناء الآيات في الكتاب، فقد تفتتح سورة الهُمزة” في الجزء الأخير من كتابه، بكلمة “ويل لكل همزة لمزة” ذلك الشخص الذي يدعى أنه مسلم، ولكنه لا يصون لسانه عن الطعن، وبيان اللمز والعيوب في أخيه المسلم، رغم أنه يعيش معه ويطلع على آداب الحياة التي بيَّنها الله سبحانه ويعرف جيدًا آداب التعايش الإسلامي.

وذكر الله تعالى نفس هذه الكلمة في الجزء الأخير من الكتاب بعد سورتين قصيرتين من الأولى، فقال: “فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ” [الماعون:4-5]، هذا ما يتعلق بحالة العبادة،وهي الصلاة، وأما الأول فإنه يوجه الويل للشخص الذي يطعن الناس، ويذكر عيوبهم وأعمالهم الغير المرضية، في سريّة أو إعلان.

من ثم أصبح يسيرًا أن نعلم أن سوءة الهمز والطعن تتوافر في حالة العبادة،وفي أحوال الكسب وجمع المال، لذلك فإنه أخطر داء في حياة الإنسان المسلم الذي يزعم أنه يبني حياته،ويشيدها بصالح الأعمال، والذي يصون حياته بجمع المال والعتاد.

معلوم أن ديننا الحنيف يفرض على أصحابه أن يهتموا بالاعتدال الكامل في حق الله،وأداء حقوق الناس، ويتحاشى عن الإفراط والتفريط في أداء الحقوق، ذلك أننا نرى أن شخصًا يتظاهر بإسلامه وتورعه وتقواه بكثرة النوافل والتسبيح والذكر، ويترك عمله المعاشي وينصرف عن أداء حقوق الأهل والاعتناء بهم، وشخصًا آخر يشتغل ليل نهار بجمع الأموال وتحسين الاقتصاد، ويؤدي ذلك إلى تقصير في العبادة وأداء الصلوات الخمس مع الجماعة أو يغيرها أو يستعجل في أداء الفريضة ولا يبالي بذلك.

وكل واحد منهما مسلم يدعي بأنه مسلم عقيدة وعملاً وامتثالاً بأوامر الله تعالى ويدعي كذلك النوع الثاني بأنه مسلم عقيدة وأبًا وجدًا ولا ينكر ذلك في أي حال من الأحوال، وحسبنا أن هذين الويلين في كتاب الله تعالى نعرف بهما الحقائق التي نعيشها في ليلنا ونهارنا وفي آخرتنا ودنيانا:

“وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ” [الهمزة:1-3].

ومن النوع الثاني: “فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ” [الماعون:4-7]. وصدق الله العظيم.

×