بين الحقيقة والرياء!
27 أكتوبر, 2022أمة العطاء والسعادة
26 ديسمبر, 2022غاية خلق الإنسان في هذا العالم!
(سعيد الأعظمي الندوي)
لولا أن الله سبحانه جعل الدنيا دار عمل، ومركز الاتصال بالله تبارك وتعالى في جميع الأحوال والأزمنة، لكان لها شأن غير ما نعيشه اليوم، وكان الناس يتخذونها ملعب كل فحش، ومبدأ كل نشاط سيئ، ينبع من وحي الشيطان، وكانت ملعبًا فاحشًا يباشرون فيه كل الأهواء والأشواق التي لا علاقة لها بالنفس البشرية التي خلقها الله سبحانه لأداء ضريبة العلم والعبادة، ومن ثم كانت الدنيا مركزًا للامتحان العملي الذي أراده الله تعالى من خلال العمل المرضي الذي توخاه وطلبه من عباده الذين عاشوا في هذه الدار الواسعة لكي يؤكدوا أنهم لا يريدون من خلال أعمالهم ونشاطاتهم إلا أن يكونوا عبادًا مخلصين لله تعالى، ويختاروا ذلك الطريق السليم الذي يتولى وصولهم إلى الغاية المطلوبة،وهي أن يكونوا عائشين كعباد صالحين لربهم العظيم الذي خلقهم إنسانًا ولم يرض لهم أن يُخلقوا مثل الدواب التي لا يهمها إلا الأكل والشرب وأداء الأعمال التي ينجزها خلق آخرون ممن لا صلة لهم بالعقل والعبادة والاتصال بالله تعالى الذي خلقهم إنسانًا يعقل، ولا يتغافل عن المسئوليات التي فوضت إليهم من خلال الإنسانية والعقل المتميز الذي أكرم به الإنسان، ليس غير.
بهذه الصفة العالية أكرم هذا الخلق الواعي الذي هو الإنسان، وفُوض إليه عمارة هذه الدنيا التي تمثل قدرات الله تعالى في جميع شؤون الخلق والأمر، فلولا هذا الإنسان الواعي الذي أكرم بالتمييز بين الخير والشر، وبالعقل الواضح الراجح الذي يُرشده في قضاء اللحظات الغالية التي شرف الله تعالى أكرم خلقه وأعقل عبده، وأجمل مصيره، كل الإنسان العاقل الذي يميز بين النفع والضرر، وبين ما يرضاه الله تعالى من إنجاز الأعمال المرضية، ورفض ما لا يرضاه من أعمال لا قيمة لها عنده تبارك وتعالى، وقد نبهنا بقوله تعالى، فقال: “يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ” [الانفطار:6-19].
يمكننا أن ندرك ما قد أراده الله تعالى من الإنسان العاقل الذي يُدرك بكل وضوح أنه لم يخلق للانتفاع من كرائم الأوضاع، وللجمع من منافع الدنيا ولذات الحياة، إنما خلقه الله تعالى كآية من آيات الخلق الكريم ومن أكرم عباده المؤمنين الذين يتأملون في الخلق وفي الخلائق البشرية، ولأي غرض كريم خلقهم الله تعالى وعمر بهم الأرض، ولماذا كانت عمارة هذا العالم بالإنسان وعباد الله الصالحين؟.
(للحديث بقية)