ولد الهدى فالكائنات ضياء
4 أكتوبر, 2022مسئولية الأمة الإسلامية
26 نوفمبر, 2022مسئولية الدعوة والهداية إلى الحق
محمد الرابع الحسني الندوي
“كلكم من آدم، وآدم من تراب، لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأبيض على أسود، ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى”.
فهذا هو المبدأ الكريم الذي يحتاج الإنسان إليه في كل عصر ومصر، وإذا لم يتبع الإنسان هذا المبدأ فلن تحصل له الراحة في الحياة، ولقد استطاع رسول الله صلى الله عليه وسلم بجهوده الشاقة، وتفانيه في العمل لهداية الإنسان إلى مبدأ الحق والهداية، والمساواة بين الإنسان والإنسان، وأن يكون في حياة كل واحد منهم مبدأ التقوى، وهو الاحتياط في الحياة،ورعاية الحق واتباعه في ذات نفسه، وفي سلوكه مع غيره، قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حياته في هذه الدعوة وفي تربية الناس على مبدأ العبادة للإله الواحد، واختيار التقوى في حياته، وترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعد حياته مسئولية الدعوة إلى هداية الناس إلى الحق، والعمل للمعروف، واختيار التقوى في السيرة والمعاملات، ميراثاً لمن جاء بعده من المسلمين، وجعل المسلمين مسئولين عن العمل في هذا المجال باختلاف الأزمان والبلدان، ولكن الذي يؤسف له أن المسلمين تركوا أداء حق هذه المسئولية، بل أصبحوا كغيرهم ممّن لا يؤمنون بهذه القيم الإنسانية الرشيدة، والسلوك على طريق الحق، ولا يمكن أن يعود العالم إلى الإنسانية الفاضلة إلا بالسير على الطريق الإسلامي الرشيد.
فإن الدعوة إلى ذلك وبذل الجهد له مسئولية المسلمين وواجبهم، فعليهم أن ينقذوا بيئاتهم وأوساطهم من الفساد المتفشي، والضلال المغوي فيها، وذلك بأن يصبحوا هم أنفسهم أولاً نماذج الخير، وأمثلة الفضيلة والإنسانية الكريمة متبعين لأوامر رسولهم العظيم صلى الله عليه وسلم، وأن يدعوا الآخرين عن طريق نماذج حياتهم إلى السير على الطريق السوي، وبغير ذلك لا يمكن أن نغيّر الوضع المخزي لإنسان اليوم، ونحن مهما تأسفنا، لا ينفع تأسفنا؛ بل يجب العمل له، وهذا يفتقر أولاً إلى لفت الأنظار وتعريف الإنسان المتألم بالفساد المتفشي في العالم، وبعض الشعور بذلك يوجد في الأمم المتحضرة اليوم، فهي رغم فسادها والمساوئ الإنسانية العاتية فيها لا تزال تشعر بجدارة المعاني الإنسانية الكريمة بالالتزام والمحافظة، ولذلك تغطي ضلالاتها بأسماء ومصطلحات الإنسانية والفضيلة، وتقوم بظلم وعدوان؛ لكنها تغطيه بمصطلح العدالة، وتقوم باحتقار الضعيف، وتغطي ذلك بمصطلح الديمقراطية ونصرة الضعيف، ويمكن لنا أن نستفيد من هذه الناحية، ونذكر صاحبها ونلفت أنظارها إليها.
فإننا بحاجة إلى القيام بواجبنا نحو العمل بأنفسنا اولاً بالقيم الفاضلة، ثم الدعوة إليها، فنحن مسئولون عن ذلك، لكوننا أمة الدعوة أمة الرقابة للبشر أجمعين عملاً بما جاء من عند الله تبارك وتعالى في كتابه المجيد: }وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس{ [البقرة:143]، و} كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله{ [آل عمران:110].