الشيخ أبو الليث الإصلاحي الندوي
7 أغسطس, 2024الدكتور تقي الدين أحمد الفردوسي المنيري وأعلام أسرته عبر الماضي (2/ الأخيرة)
10 ديسمبر, 2024الدكتور تقي الدين أحمد الفردوسي المنيري وأعلام أسرته عبر الماضي (1943–2024م)
د. أبو سحبان روح القدس الندوي
أما “بهار” ككتاب فيما ضبطها الزبيدي في “تاج العروس”(1) فقال: “مدينة عظيمة بالهند”، وزاد السيد عبد الحي(2): أرض خصبة كثيرة الأرز، وقصب السكر، والموز، والأنبج، وورق التنبول.
يحدّها من الشرق بنكاله، ومن الغرب أودهـ، ومن الشمال والجنوب سلسلة الجبال.
وأنهارها “كنكا” و”سون” و”بن بن” بضم البائين الهنديين”.
وأصل “بهار” (وهار) بمعنى المعبد البوذي وعلى رأسها زادوا (نوا) بنون فسمّوا في بلخ معبدهم البوذي (نوا وهار) المعروف على ألسنة العرب والفرس قبلهم بلفظ (نوبهار) الذي وصفه ابن الفقيه الهمداني وابن رسته ثم ياقوت في “معجم البلدان”(3).
وأشهر مدنها (بتنه) بفتح الباء الهندية وسكون التاء الهندية، وهي على نهر (كنكا)، وهي التي يسمونها (عظيم آباد) نسبت إلى عظيم الشأن بن عالم ابن عالم كير التيموري(4)، وإليها ينتسب أهلها فيقولون: “عظيم آبادي” بدل “پٹنوی”.
أما “راجكير” فهي أرض مستوية واسعة على قُلّة الجبل – أي قمته – فيها عين حامية، وهي طيبة الماء والهواء، سكن بها أحمد بن يحيى المنيري زمانًا(5).
أما “بهار” المضاف إليها “شريف” فكانت بلدة كبيرة عامرة في الجاهلية والإسلام، وكانت قصبة تلك البلاد في القديم، واليوم بلدة صغيرة من توابع “عظيم آباد” وفيها قبر الشيخ أخمد بن يحيى “المنيري”(6).
أما في العصر الراهن فتُعدُّ من مديرية “نالنده”، وقد أنجبت هذه البلدة أعلامًا كبارًا ومشايخ نبلاء ومؤلفين وباحثين، ورجال فكر ودعوة وإصلاح وتربية.
أما “منير” بفتح الميم وكسر النون على الأشهر، وإن ضبطها بعض القدماء من المؤرخين واللغويين بفتح الميم وإسكان النون وفتح الياء وإسكان الراء، “فهي قرية جامعة من توابع “بهار” شريف، يسكن بها العلماء والأشراف”(7)، وهي مسقط رأس صاحبنا الدكتور تقي الدين.
“من المعروف تاريخيًا أن المسلمين احتلوا بلاد (بهار وبنغاله) تحت قيادة الأمير اختيار الدين محمد بن بختيار الخلجي المتوفى سنة 602هـ، غير أن الأنباء المحلية المتوارثة تقول: “إن الرعيل الأول للمسلمين قادهم الشيخ الكبير “تاج فقيه” الخليلي – من مدينة الخليل بقرب القدس – ورافقه زميله الشهير بلقب “قطب سالار” فاحتلوا بمدينة “منير” في سنة 576هـ، وذلك قبل عقدين أو أكثر من دخول الخلجي هذه الناحية، وما كان من دأبهم أن يستبدوا بمملكة ويمتلكوا بنواصيها فلما جاء الخلجي خلوا بينه وبين السلطة الإدارية، وظلوا نازلين بمدينة (منير) وحواليها منذ وقت “الشيخ تاج فقيه”، وتمتّ إلى أبعاضهم أسرات الأشراف المستوطنة بالأرجاء المتقاربة بصلة الأنساب المتواصلة على مرّ الزمان”(8).
“كانت قدمة خيل الله هذه بمثابة اللبنة الأولى للثقافة الإسلامية في مقاطعة بهار، وكانوا على الأكثر من رجال بعض الطرق المتصوفة، فدخلت معهم الناحية نواة أحاديث الإحسان والترغيب والترهيب والرقاق ثم الطب والرقى وجملة الأداب والسلوك بالإضافة إلى أحاديث الأحكام، ثم دخل الحديث في عصر الشيخ شرف الدين أحمد بن يحيى ودورة خلفائه الكبار في أكثر من ذي قبل ازدهارًا وترعرًا”(9).
“ومن هنا نمر في طي ملفوظاتهم ورسائلهم بأسماء الصحاح الستة، وما إليها من جوامع الحديث ومصادر السنة، حتى إن نسخة لصحيح مسلم القشيري قد أهداها إلى الشيخ شرف الدين المذكور آنفًا أحدُ المختصين به الشيخ زين الدين الديوي”(10)، وهو أحد العلماء المبرزين في الفقه والحديث من أعلام القرن الثامن الهجري، أهدى إلى الشيخ شرف الدين صحيح مسلم ولقبه بمدينة بهار”(11).
ومن ثم انحدرت إلى “منير” وضواحيها أسرات الأشراف المستوطنة بالأرجاء المتقاربة، ومن تلك الأسرات العريقة النازلة فيها أسرة صاحبنا الدكتور تقي الدين الفردوسي.
- ونبغ في الأسرة المنيرية هذه من أعلام القرن الثامن الهجري: “الشيخ الإمام العالم الكبير العلامة شيخ الإسلام أحمد بن يحيى بن إسرائيل بن محمد الهاشمي المنيري شرف الدين البهاري (661–772هـ)، أحد مشاهير الأولياء المتفق على ولايته وجلالته وبلوغه درجة الاجتهاد” كذا وصفه السيد عبد الحي وترجمه في “نزهة الخواطر”(12).
واعتنى بأخباره ومآثره الجليلة السيد أبو الحسن علي الندوي وعدّه في طبقات المصلحين المذكورين في “رجال الفكر والدعوة” (3: 161–278) ط: لكناؤ 2024م (طبعة 16).
- ونشأ من رجال القرن التاسع الهجري: “الشيخ محمد بن علاء الدين الهاشمي الترهتي ثم المنيري المعروف بالشيخ “قاضن” – بكسر الضاد المعجمة –، كان من كبار المشايخ الشطارية، له اليد الطولى في العلوم المتعارفة، مات سنة 892هـ”(13).
- وتلاه من رجال القرن العاشر الهجري الشيخ بڈھن بن ركن الدين بن هداية الله بن محمد بن العلاء الشطاري المنيري، أحد رجال العلم والطريقة(14).
- وجاء فيهم الشيخ قطب الدين بن بڈھن بن ركن الدين البلخي المنيري، أحد المشايخ المشهورين في الطريقة الفردوسية(15).
- ومن آخر رجال هذا القرن: الشيخ نظام الدين المنيري القلندر، كان ابن أخت الشيخ قطب الدين العمري الجونفوري وصاحبه، له القصيدة الكبرى وشرحها “الصراط المستقيم”، صنفها سنة 980هـ(16).
- ومن أفذاذ الرجال في القرن الحادي عشر: الشيخ أبو يزيد بن عبد الملك الهاشمي المنيري المشهور بالشيخ دولت، وكان من كبار المشايخ، توفي سنة 1017هـ، له مائة وخمس وعشرون سنة(17).
- ونجم فيهم من أعلام نفس القرن: الشيخ عبد الشكور المنيري، أحد العلماء المبرزين في الفقه، والأصول العربية، وُلد ونشأ ببلدة منير، واشتغل بالعلم زمانًا في بلاده ثم دخل جونفور وقرأ على الشيخ محمد رشيد بن مصطفى العثماني الجونفوري، وعلى غيره من العلماء، فرجع إلى بلدته واشتغل بالدرس والإفادة، وكان عالمًا فقيهًا زاهدًا قنوعًا متوكلاً، مات سنة 1095 ببلدة منير فدفن فيها(18).
- وجاء فيهم من رجال هذا القرن: الشيخ مبارك بن مصطفى بن الجلال بن عبد الملك الهاشمي المنيري سبط الشيخ أبي يزيد بن عبد الملك الفردوسي(19).
- ومن رجال هذا القرن: الشيخ محمد بن أبي يزيد بن عبد الملك الهاشمي المنيري، أحد المشايخ في الطريقة الفردوسية مات سنة 1031(20).
- ومن رجال القرن الثاني عشر: الشيخ محمد بن عناية الله بن أشرف بن محمود بن محمد الجلال بن عبد الملك الهاشمي المنيري، أحد المشايخ الفردوسية، توفي سنة 1159هـ(21).
- وتلاه من أعلام هذا القرن: الشيخ هداية الله بن أشرف بن محمود الهاشمي المنيري، آخر المشايخ الفردوسية مات سنة 1128.
وهاتيك الأخبار في هذا المشوار التاريخي من ذكر أعلام منير عبر القرون تكفي للدلالة على ما احتلته الأسرة المنيرية هذه من مكانة في حقل الثقافة الدينية والإصلاحية.
ونبغ فيهم في العصر الراهن صاحبنا الأستاذ الدكتور تقي الدين الفردوسي المنيري، الذي يساجل رجال الماضي من أسرته منقبة وقدرًا وعلمًا وفضلاً ونبلاً ونباهة وذكاء وسمتًا وشعرًا وأدبًا وإن تأخر عنهم طبقة وعصرًا. (اقرأ بقية المقال في عدد لاحق)
مراجع المقال:
- 3: 64 مستدركًا على صاحب القاموس.
- الهند في العهد الإسلامي، ص: 82، ط: الثانية 2014م، راي بريلي، الهند.
- 5: 307 وما بعدها، ط: دار صادر، بيروت، لبنان.
- الهند في العهد الإسلامي، ص: 82.
- المصدر السابق، ص: 104.
- المصدر نفسه.
- المصدر نفسه.
- إطلالة على ازدهار الحديث والمحدثين في إيالة بهار”، مقال كتبه العلامة أبو محفوظ الكريم معصومي تقريظًا لكتابي “روائع الأعلاق”، ص: 14 وما بعدها، ط: الأولى 1988م، لكناؤ.
- المصدر نفسه، ص: 15 مع تلخيص يسير.
- المصدر نفسه مع اقتضاب يسير.
- كما ذكره السيد عبد الحي في نزهة الخواطر، 2: 48.
- 2: 9–11، وهو المطبوع أخيرًا باسم الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام.
- المصدر السابق، 3: 109.
- المصدر الذي سبق، 4: 94.
- المصدر السابق، 4: 240.
- المصدر السابق، 4: 341.
- المصدر السابق، 5: 40.
- المصدر السابق، 5: 246.
- المصدر السابق، 5: 348.
- المصدر السابق، 5: 357.
- المصدر السابق، 6: 271.