حق الله تعالى على العباد

طوبى لمنفق المال في الحق وللعالم المعلم المخلص
20 مايو, 2025

حق الله تعالى على العباد

عبد الرشيد الندوي

عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كنتُ رديفَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم على حمار، فقال لي: «يا معاذ، أتدري ما حقُّ الله على العباد؟ وما حقُّ العباد على الله؟» قلتُ: الله ورسولُه أعلم. قال: «حقُّ الله على العباد أن يعبدوه ولا يُشركوا به شيئًا، وحقُّ العباد على الله أن لا يُعذِّبَ من لا يُشركُ به شيئًا». قلتُ: يا رسولَ الله، أفلا أُبشِّرُ الناس؟ قال: «لا تُبشِّرهم فيتَّكِلوا».

تخريج الحديث: أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التوحيد، باب ما جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى، حديث رقم (7373).

وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة، حديث رقم (30).

شرح الحديث: في هذا الحديث الشريف يعلِّم النبيُّ صلى الله عليه وسلم معاذَ بن جبل رضي الله عنه، أحدَ فقهاء الصحابة، أعظمَ أصول الدين وأساس النجاة. وقد ابتدأه بأسلوب حواريٍّ يُثير الانتباه، فقال له وهو رديفه على دابته: «يا معاذ، أتدري ما حق الله على العباد؟»، وهو سؤال تعليمي الغرض، يلفت النظر إلى عظمة المسألة.

قوله: «حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا»، هو خلاصة التوحيد ولبّ الرسالات السماوية، ومقصود بعثة الأنبياء عليهم السلام؛ أن يُعبد الله وحده لا شريك له، ظاهراً وباطناً، في الاعتقاد والسلوك والعمل.

وقوله: «وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئًا»، هو وعدٌ عظيم من الله تعالى، تفضُّلًا لا وجوبًا عليه سبحانه، أن مَن لقيه موحِّدًا مبرّأ من الشرك، فإن مصيره النجاة من العذاب.

فلما سمع معاذ هذا الفضل الجليل، والبشارة العظيمة،قال: «أفلا أُبشِّر الناس؟»، فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم جواب المُرَبِّي الحصيف: «لا تبشِّرهم فيتَّكِلوا»، أي لا تنشرها دون بيانٍ وتوجيه، لئلا يظن بعض الناس أن مجرد التوحيد كافٍ دون التزام الطاعة واجتناب المعاصي، فيُفضي ذلك إلى التواكل والتفريط.

من فوائد الحديث: التوحيد الخالص أساس النجاة في الدنيا والآخرة.

فضل الله واسع، لكنه مشروط بالإيمان الصافي من الشرك.

من سمات التربية النبوية: الحكمة ومراعاة تفاوت الناس في الفهم.

العلم يُؤخذ ويُبلَّغ في كل حال، وتنتهز له الفرص كلما سنحت، ويُراعى في تبليغه حسن الأسلوب.

×