الفساد في الأرض بأشنع صوره!

الإخلاص هو العمدة في الأعمال
23 يونيو, 2024
متى سنعود إلى وحدتنا السابقة؟
7 أغسطس, 2024

الفساد في الأرض بأشنع صوره!

سعيد الأعظمي الندوي

مجازر إنسانية رهيبة مستمرة على مرآي ومسمع من العالم المتمدين، والعدو الصهيوني مستمر في إمطاره القنابل علي الأبرياء من الشباب والشيوخ والنساء والأطفال، وهو منهمك في سحق نفوس إنسانية، وتدمير المنازل علي سكانها، والهجوم العدواني بالطائرات الحربية والدبابات الزاحفة في المناطق السكانية والأحياء العمرانية، وسكانها يدفنون تحت الركامات، أو يفاجئون بالموت، أو يعيشون في تململ واضطراب دون أن يكون هناك من ينقذهم، أو ينجو بهم من العذاب، إن هذه الإجراءات الظالمة التي تشير إلى جبن العدو ويأسه، لا تكاد تفرق بين المنازل والمساكن والمدارس والمساجد والمستشفيات والجوامع، وبين الإنسان والبهائم. فياله من يأس!

وهناك تظاهرات واستنكارات على المستوى الشعبي والجماعي؛ ولكنها لا تغني عن شيء في وقف العدوان، ولا تمنع العدو الخسيس عما هو فيه من الإرهاب الذي لا مثيل له في التاريخ البشري الحديث، ورغم أن الإعلام الجماعي يعرض صورًا مرعبة وأشكالاً من القتل والفتك، والنسف وسفك الدماء، للإرهاب الصهيوني ما تقشعر منه الجلود، ويفقد به الإنسان عقله، ولا يبقى بعده أي رغبة للحياة لدى الأحياء من الناس، رغمًا من كل ذلك بصرف النظر عن الواقع جميع القوى العالمية والدول والحكومات الغربية التي تتزعم تدمير فلسطين من قديم، توفر لتصفية سكانها المسلمين، وتهديم الأقصى وتحويله إلى هيكل سليماني، جميع الوسائل الإنسانية، وتستخدم لذلك التقنية الجديدة من صناعة الأسلحة المدمرة من غير حياء أو خوف، وحتى الأمم المتحدة ليست منها في عير ولا نفير.

وما ذلك إلا مثال عملي للفساد في الأرض وسفك الدماء، الأمر الذي كانت الملائكة قد أنكروه يوم علموا أن الله تعالى جاعل في الأرض خليفة؛ ولكن حكمة الله تعالى لم تكن في علمهم؛ لأن الله تعالى أقام هناك ميزانًا من الصلاح والفساد، وعلى ذلك يمتحن عباده، وقدر الله تعالى عذابًا فوق العذاب للكافرين والصادين عن سبيل الله إزاء فسادهم في الأرض وإشراكهم بالله تعالى، يقول الله سبحانه )الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ( [النحل: 88].

ومعلوم أن الفساد في الأرض مصدر الكبر والغرور بأي نوع كان، فليس لمن يفسد في الأرض ويظلم الناس إلا اللعنة وسوء العاقبة، ومن شأن المفسد أن ينقض الميثاق بعد عهد الله تعالى، ويقطع ما أمر الله به أن يوصل، اقرأوا ما قال الله تعالى في سورة الرعد(رقم الآية:25) ) وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (

وقد عرف اليهود في التاريخ بنقض العهد والإفساد في الأرض أكثر من أي أمة أخرى، فالذين يقومون في فلسطين وفي غزة ضد المسلمين والأبرياء والمستضعفين منهم بالفساد والكبر في أرض الله تعالى المقدسة والقتل والنهب والتشريد والتدمير فيها على أوسع نطاق، إنما هم من المجرمين المفسدين الذين طبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون، ويتمادون في الظلم والوحشية إلى ما لا حد له، فإنهم قد أعد الله تعالى لهم من اللعنة والعذاب ما سيلاقونه غدًا والغد ليس ببعيد.

اقرأوا على سبيل المثال ما قال الله تعالى، وانظروا كيف ينطبق على المفسدين في الأرض )وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ(.[البقرة: 204–206].

والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.

×