ميزات الحج

كرامة الإنسان وسموه
6 يونيو, 2024
الحج شعار الوحدة الإسلامية
23 يونيو, 2024

ميزات الحج

محمد واضح رشيد الحسني الندوي

من ميزات الحج، الجمع بين الحسنة في الدنيا والحسنة في الآخرة “وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ” [البقرة: 200–202]، ففي الحج منافع دنيوية للناس بجانب المنافع الأخروية.

فإن الحج إذا كان بشروطه وآدابه يخرج الحاج بعد تأدية الحج كأنه مطهر منقى، يصدق عليه دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم: “اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس”.

وذلك برعاية آداب الحج واحترام شعائره وتأدية حقوقه المشروعة لأن الاجتماع وخاصة إذا كان ذي جنسيات مختلفة ولغات مختلفة وطبائع مختلفة،يحدث دوافع إلى سوء تفاهم، ويؤدي الاختلاط والتزاحم إلى نزاعات، فيؤكد القرآن الكريم على أهمية اجتناب هذه الدوافع، وإذا حدث سوء تفاهم فيؤكد على ضبط الأعصاب والتحمل فيقول “فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ”.

ولا يوجد نظير لمثل هذا الاجتماع الآمن المتصالح المتآخي المتعاون على البر والتقوى والإيثار، في الأمم الأخرى، فالأمن والسلامة والاحترام سمة من سمات هذا المكان والحج.

والحج فرصة لتصحيح العقيدة، ولذلك يقول الحاج في الطواف: “اللهم أن هذا البيت بيتك، والحرم حرمك، والأمن أمنك، والعبد عبدك، وأنا عبدك،وابن عبدك، وهذا مقام العائذ بك من النار، فحرم لحومنا وبشرتنا على النار. اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين. اللهم قني عذاب النار يوم تبعث عبادك. اللهم ارزقني الجنة بغير حساب”.

والحج فرصة لتصحيح الأخلاق، فيقول الحاج في الدعاء (اللهم إني أعوذ بك من الشك والشرك، والشقاق والنفاق، وسوء الأخلاق وسوء المنظر، والمنقلب في المال والأهل والولد. اللهم إني أسألك رضاك والجنة، وأعوذ بك من سخطك والنار. اللهم أني أعوذ بك من فتنة القبر، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات).

وتشاهد في الحج مظاهر الوحدة والتضامن مصداقاً لقوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا” [البقرة:102–103]، فصفوف الطائفين والعاكفين والركع السجود والساعين في المسعى كأنهم صفوف مرصوصة، جميعهم في ملابس الإحرام البيضاء التي تشير إلى الوحدة والنقاء.

مشهد الواقفين أمام الملتزم مشهد مثير، يسيل الدموع، حيث يجهش الواقفون المحتسبون بالبكاء، ويحاول كل من أتيحت له هذه الوقفة الغالية النادرة، أن يلصق صدره بالجدار، ويطيل البقاء بدون أن يحول أحد دونه لانتهاز هذه الفرصة، كأن آخر فرصة في حياته وآخر فرصة للحصول على المغفرة لذنوبه.

وعندما يصل الحجاح إلى المدينة المنورة للزيارة، تثور فيهم عواطف الامتنان والاحترام،والإجلال والتكريم، والحب والتعظيم، والوفاء والولاء.

×