أيام في الربوع العربية (4)
18 يوليو, 2024أيام في الربوع العربية (6)
17 أغسطس, 2024أيام في الربوع العربية (5)
الشيخ محمد الرابع الحسني الندوي
وجماعة عباد الرحمن جمعية تربوية وثقافية إسلامية لها أعضاء في بيروت وفي مدن لبنان الأخرى ورائدها ورئيسها هو الأستاذ المربي الشيخ محمد عمر الداعوق، وقد التقينا به مرارًا فقد وجدنا مثالاً طيبًا للمسلم العامل في سبيل الإسلام المحترق لأجله، وعنده نشاط وذكاء وفكرة نبيلة لأسلوب العمل والدعوة للإسلام، وقد شرفنا أمس في الفندق ودعانا لزيارة المخيم، والأستاذ محمد عمر الداعوق يعمل في هذه الأيام في مؤسسة تلفزيون دبئ في قسم التربية الإسلامية، وقد عمل في مثلها في السعودية أيضًا قبل ذلك، وله تأثير حسن في مجالات هذا العمل.
وصلنا إلى بيت سماحة المفتي الحاج أمين الحسيني حيث كانت ثلة من الشخصيات الإسلامية الممتازة من بيروت، وقد يقع بيت سماحة المفتي على مصيف جبلي جميل من مصائف بيروت، وسماحة المفتي أكبر زعماء الحركة الفلسطينية، وهو مشتغل بخدمتها منذ بداية أمرها، ولا يزال معنيًا بقضاياها مع كونه في سن متأخرة وضعف الشيخوخة، ويساعده في مهامه سعادة الأستاذ السيد حيدر الحسيني وجماعة من أعضاء مكتبه، وهم يصدرون مجلة شهرية جميلة وقوية باسم “فلسطين”، تحتوي على مادة دسمة عن القضية الفلسطينية، وجهود سماحة المفتي للقضايا الإسلامية معروفة وإخلاصه في عمله واحتراقه في سبيل الإسلام وبذله لكل ما يستطيع من جهد وعمل في هذا الطريق أمر لا يحتمل الشك، وهو طاهر الذيل، رحب الصدر، كريم النفس، جميل المحيا، أنيق المظهر، كل من يراه يحبه، جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خيرًا، ولقد سبقت له زيارة الهند قبل أكثر من ثلاثين سنة، وزار ندوة العلماء كذلك وقد سر بما وجده في ندوة العلماء من جو عربي إسلامي، واجتمعنا على العشاء بمختلف الشخصيات النابهة، وكانت فيها شخصيات سورية كذلك، وهي التي هاجرت من بلادها حفاظًا لدينها وعقائدها واتجاهاتها الإسلامية، في الوقت الذي انتقل الحكم السوري إلى أيدي الطائفة النصيرية التي تتعارض عقائدها مع عقائد الإسلام، بل صارت الحكومة اليوم حربًا على النشاط الفكري والعقائدي الإسلامي أكثر من دول الكفر، فالتقينا في هذه المناسبة بفضيلة الأستاذ محمد المبارك عميد كلية الشريعة سابقًا، ورئيس قسم الشريعة الإسلامية في كلية التربية بمكة المكرمة حاليًا، والأستاذ زهير الشاويش نائب دمشق سابقًا ومدير المكتب الإسلامي بيروت حاليًا، والتقينا بفضيلة الشيخ نمر الخطيب عالم فلسطين الكبير ومؤلف عدد من الكتب الإسلامية والفسطينية القيمة، وكان قد زارنا في الفندق وآنسنا بحديثه وأبدى ما عنده من كلوم وجراحات عن قضايا الإسلام في لبنان وفي فلسطين وقد سبق لنا معه اجتماع قبل سنين ووجدناه عالمًا غيورًا للإسلام والقضايا الإسلامية.
رجعنا إلى الفندق ليلاً وكنا نريد أن نقضي اليوم التالي في بيروت، ونزور المكتبات، وكانت للوفد مأدبتان، مأدبة الغداء في مقر دار الفتوى بإشراف مضيف الوفد في لبنان سماحة الشيخ حسن خالد مفتي لبنان ورئيس دار الفتوى، ومأدبة العشاء تقيمها السفارة السعودية في بيروت بإشراف القائم بأعمال السفارة سعادة الشيخ عبد المحسن السمان.
توجه فضيلة الأستاذ أبي الحسن في الصباح أولاً إلى بيت سعادة الأستاذ عبد الحكيم عابدين لأنه من أصدقائه المحبين ويكون مضيفه في بيروت دائمًا، ولو لم يكن فضيلة الأستاذ مرتبطًا بمسئوليته في الوفد لكان نزيلاً في بيته، فالأستاذ عابدين يؤكد على ذلك ولا يؤثر غيره للقيام بضيافته في بيروت، وكانت أشغال الأيام الثلاثة التي قضاها فضيلة الأستاذ الندوي في بيروت في برامج وفد الرابطة لم تدع له فراغًا كبيرًا للاجتماع مع الأستاذ عابدين، فزاره الأستاذ في بيته وأنا معه، وبيته على مصيف جبلى يسمى بعاليه وهو مصيف معروف يقع في طريق جبل بحمدون، الذي كنا نازلين في فندق شبرد الواقع فيه، فأكرمنا الأستاذ عابدين، وكان مريضًا ولكنه رافقنا إلى بيروت لزيارة المكتبات ومررنا أولاً على بيت سعادة الأستاذ زهير الشاويش صاحب المكتب الإسلامي فتلقانا ببشاشة ظاهرة ومودة وأخوة وأراد أن يطول بقاء فضيلة الأستاذ عنده ولكن الارتباطات الأخرى اضطرته إلى مغادرته، والتقى بفضيلة الأستاذ في هذا البيت الكريم الأستاذ عبد البغا صاحب دار الفتح في دمشق الذي طبع للأستاذ بعض الكتب قبل الحكم الحالي، فكان ذلك فرصة حسنة سررنا بها جميعًا، وزار فضيلة الأستاذ بعد ذلك مقر الشركة الموحدة للنشر والتوزيع واجتمع بصاحبها الأستاذ رضوان إبراهيم دعبول، وكنت اجتمعت به قبل سبعة أشهر عند ما مر الأستاذ من بيروت وكنت معه في طريقه من الحجاز إلى الهند، وكنا قد استأنسنا به ووجدنا منه المحبة من أول لقائنا به، بقينا عند الأخ ساعة ثم توجهنا إلى مقر دار الفتوى لئلا نتأخر عن الوعد المقرر، فقد أصبح الوقت هي الساعة الثانية عشرة ظهرًا.
وكان مقررًا بين أعضاء الوفد أن يصل فضيلة الأستاذ أبي الحسن إلى مأدبة دار الفتوى بعد مروره من المكتبات وأنا معه، ويصل فضيلة الأستاذ أحمد محمد جمال والأستاذ عبد الله محمد باهبري من الفندق رأسًا أو بالمرور على بعض المكتبات التي يريدها، فكان وصول فضيلة الأستاذ الندوي قبل وصولهما، وكان في استقبال الوفد رجال دار الفتوى فأوصلوا فضيلة الأستاذ إلى قاعة سماحة المفتي، ووصل إليها بعد قليل فضيلة الأستاذ جمال والأخ باهبري، وتتابع المدعوون وضيوف المأدبة فكان فيهم رجال السياسة والاجتماع وعلماء الدين وأعيان المسلمين في البلد، ومن أخص هولاء سماحة مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني، ورئيس وزراء لبنان الأسبق الأستاذ صائب سليم ورئيس وزراء لبنان الحالي الأستاذ تقي الدين الصلح ومضي بعض الوقت في لقاءات وفي أحاديث حرة فإن المآدب خير فرص لتلاقي الناس وتآنسهم فيما بينهم وخاصة عند ما تكون مأدبة حافلة بشخصيات نابهة مثل ما اجتمعت في مأدبة سماحة مفتي لبنان. (يتبع)