من معاني الإسراء والمعراج

الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك
25 ديسمبر, 2024
الشاعر الألماني “ريكه” يمدح الرسول صلى الله عليه وسلم
3 فبراير, 2025

من معاني الإسراء والمعراج

العلامة الشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي

إن الإسراء والمعراج لاشك خاص بالرسول صلى الله عليه وسلم، ولكنه سمو للإنسانية عن طريق محمد صلى الله عليه وسلم، إن الله تبارك وتعالى قد ضرب مثالاً ـ وإن كان هذا المثال مختصًا بالرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم ـ ولكنه نبي بشر، فيشير إلى أن هنالك يبلغ البشر وإن كان مرة واحدة، ولكنه هو البشر الذي وصل، ولم يبلغه غير البشر، هذا يثير فينا السمو، ويثير فينا الثقة بالإنسانية وكرامتها.

والشيء الثاني أن هذا الدين مرتبط بالسماء، مرتبط بإرادة الله تبارك وتعالى، ليس مرتبطاً بالتجارب البشرية، ليس مرتبطاً بالعقل البشري، ليس مرتبطاً بالمجهود البشري، بل مصدر هذا الدين هو السماء.

والمعنى الثالث أن سورة الإسراء تثبت أن هذه الرسالة عالمية إنسانية، فإذا كانت غير هذا ودون هذا، لما طلب محمد صلى الله عليه وسلم من جزيرة العرب ـ وهو نائم في مكة ـ إلى القدس، ثم إلى السماوات العلى، إن اتصاله أولاً بالأرض المقدسة بفلسطين التي هي بعيدة من جزيرة العرب، ثم اتصاله بالسماء، يدل على أن هذه الرسالة عالمية آفاقية ليست محصورة في جزيرة العرب، وإلا أي حاجة دعت إلى أن يطلب الله رسوله إلى القدس أولاً ليصلي هناك بالأنبياء عليهم السلام، ثم يطلبه إلى السماوات؟ فلنعرف أن مركزنا أكبر مما نحن فيه وإن مسوليتنا أضخم مما نضطلع بها، إن هذا البلد هو أصغر منا، وإن البلاد مهما اتسعت بل إن الأرض كلها، أصغر من شخصيتنا، نحن أمة الرسالة، نحن أمة الهداية، نحن أمة العالم وأمة الإنسانية، لسنا عرباً ولا عجماً، لسنا أردنيين وسوريين، وفلسطينيين وهنوداً وباكستانيين فحسب، نحن أمة نبي الإسراء والمعراج، الذي انعدمت فيه الأبعاد والمسافات، والحواجز الجغرافية والاعتبارات السياسية، والفوارق الجنسية.

هذه كلها معان وحقائق نستطيع أن نتلقاها ونتعلمها من ثنايا سورة الإسراء التي ضمنها الله القرآن الكريم الذي يدوم ويثبت إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

إن القضية في إنقاذ فلسطين، قضية العقيدة وقضية الأخلاق، قضية العزم الصادق، فإذا صحت العزائم وصدقت القلوب، زال اليهود كما يتقشع الضباب، نحن في حاجة إلى تربية جديدة، تربية إسلامية، إلى عقيدة كأنها عقيدة جديدة، لسنا في حاجة إلى دين جديد ـ حاشا الله ـ ولكننا في حاجة إلى إيمان جديد، إذا كانت الأحوال غير عادية احتاج الإنسان فيها إلى إيمان غير عادي، إلى إيمان قوي عميق، إلى إيمان حي دافق، إلى إيمان إذا لم يكن إيمان الصحابة رضي الله تعالى عنهم فليكن إيمان صلاح الدين الأيوبي، وكثير من الجنود التي قامت تحت رايته، يقول القاضي بهاء الدين المعروف بابن شداد عن صاحبه صلاح الدين الأيوبي.

وإنه تاب عن المحرمات وترك الملذات ورأي أن الله سبحانه وتعالى خلقه لأمر عظيم لا يتفق معه اللهو والترف، وكان رحمه الله عنده من القدس أمر عظيم لا تحمله الجبال، وكان كالفاقدة ولدها، الثاكلة واحدها”.

… ولا بد لذلك أن ننشيء نفوسنا على التقشف وتحمل المشاق وعلى الشدة والجلادة والغيرة الإيمانية، وإيثار الآخرة على العاجلة، والاستهانة بالحياة الدنيا وزخارفها……

هاتي صلاح الدين ثانية فينا وجددى حطين أو شبه حطينا
×