كتاب: “المحدث الأستاذ الدكتور تقي الدين الندوي وجهوده في خدمة الحديث النبوي الشريف”

قراءة لكتاب “أخي العزيز”
17 يناير, 2024
قرأت لك
18 مايو, 2024

كتاب: “المحدث الأستاذ الدكتور تقي الدين الندوي وجهوده في خدمة الحديث النبوي الشريف”

إبراهيم عمر

المحدث الأستاذ الدكتور تقي الدين الندوي، يُعدُّ من أعلام المحدثين والمحققين العظام الذين قد قاموا بدور عظيم في خدمة الحديث النبوي الشريف في العصر الحاضر جمعًا وتأليفًا، وتحقيقًا ودراسة، وتحشية وتعليقًا، ولا شك في أنه قد بذل قصارى جهده في هذا المجال، فنال بهذه الخدمة العظيمة المشرفة التي قام ويقوم بها شرفًا عظيمًا ومكانة مرموقة، ونال الإعجاب من أهل العلم والأوساط العلمية على المستوى العالمي.

فقد تلقى العلوم الإسلامية عامة، وعلم الحديث الشريف خاصة على أساتذة الفن وجهابذة العلم في عهده، فقضى زمنًا طويلاً في التحصيل والتعليم، إنه كان من أخص تلامذة المحدث الجليل الشيخ محمد زكريا الكاندهلوي رحمه الله تعالى، والعلامة الشاه حليم عطاء السلوني وغيرهما من كبار العلماء، ثم خاض مجال التدريس، فأدى حقه، وأتى بما لم يكن ممكنًا لكل حاف ومنتعل، ثم اقتحم في ميدان التحقيق والتأليف بما استعدَّ، فقدَّم ما قدَّم من التحقيقات والبحوث التي تفتخر بها المكتبات الإسلامية في العالم العربي والإسلامي.

فكان يجب على تلاميذه أو أقاربه أن يتحدث عن حياة هذه الشخصية العلمية وأعماله التأليفية وجهوده العلمية وإسهاماته التراثية وإنجازاته الحديثية، فألف حفيده الفاضل فريد الدين الندوي هذا الكتاب باسم ” المحدث الأستاذ الدكتور تقي الدين الندوي وجهوده في خدمة الحديث النبوي الشريف”، وعرض فيه سيرة الشيخ المحدث الندوي وشخصيته العلمية.

ففي هذا الكتاب نجد مواد أساسية موثقة عن هذا العالم المحدث الجليل، يقول فضيلة الأستاذ الدكتور أبو لبابة صالح حسين(رئيس جامعة الزيتونة سابقا) في تقديمه لهذا الكتاب:

” وميزة هذا الكتاب أنه أُعِدَّ من حفيد الشيخ، وعلى عينه، وتحت رعايته وتوجيهه، فلم يغادر صغيرة ولا كبيرة من نشاطات الشيخ وحركاته وسكناته إلا وسجَّلها، وكل معلومة ضمها هذا السفرُ المتميِّز، موثَّقةٌ وصحيحةٌ غير مَشُوبة بوهن، لأن الشيخ بفضل الله عليه ما يزال يتمتع بذاكرة قوية، ويحتفظ بكل الوثائق والتسجيلات والرسومات التي قيَّدت أحداث حياته منذ نعومة أظفاره حتى اليوم”.

فها أنا أقدم خلاصة ما جاء في هذا الكتاب.

قد وضع المؤلف هذا الكتاب على بابين، وكل منهما يشتمل على عدة فصول، وكل فصل يشتمل على مباحث عديدة.

بدأ الكتاب بكلمة تعريف موجز عن الشيخ الدكتور المحدث الجليل تقي الدين الندوي، ثم كلمة ضافية كتبها الأستاذ الدكتور أبو لبابة صالح حسين،كتقديم له،ثم كلمة الأستاذ الدكتور ولي الدين الندوي وهي كلمة تعريف بالكتاب،وتليها كلمة المؤلف التي ذكر فيها أهمية الموضوع، وسبب اختياره الموضوع، ومنهجه في البحث.

أما الباب الأول فقد كتب المؤلف في الفصل الأول عن ولادة الشيخ الندوي ونشأته، ونبذة موجزة عن أسرته، وعصره، ثم تحدث عن دراسته الإبتدائية، فإنه قد قضى سنوات بدائية في مدرسة في قرية “جاندفتي”، ومدرسة الإصلاح بسرائي مير، وبعد ذلك رحل للتحصيل إلى جامعة مظاهر علوم بسهارنفور، وبعد التخرُّج فيها التحق بجامعة ندوة العلماء، ثم ذكر المؤلف العلماء الذين قد تلمذ عندهم، وكان فيهم المفسرون، والمحدثون، والمحققون، أمثال العلامة المحدث الشاه حليم عطا السيلوني، والشيخ محمد إسحاق السنديلوي، والإمام المحدث الشيخ محمد زكريا الكاندلوي، والشيخ العالم الرباني محمد أحمد البرتابغري، وسماحة العلامة السيد أبي الحسن علي الحسني الندوي رحمهم الله، وغيرهم من العلماء الذين قد أثروا في بناء شخصيته العلمية الفذّة، وجعلوه منارا ليستضيء به طلاب العلوم الإسلامية وبصفة خاصة الحديث النبوي الشريف.

ثم ذكر في آخر هذا الفصل أسانيد الشيخ الندوي في الحديث الشريف، فله أربعة أسانيد عالية لا توجد عند كثير من العلماء المعاصرين، وقد قدم لها المؤلف خريطة جيدة.

وفي الفصل الثاني ذكر أيام تدريس الشيخ الندوي، بأنه كيف عُيِّن مدرِّسًا في دار العلوم لندوة العلماء حيث قضى اثني عشر عامًا يدرس بدءًا من الكتب الابتدئية انتهاءًا إلى أمهات كتب الحديث، ثم انتقل إلى جامعة فلاح دارين بغجرات حيث أقام أربع سنوات يدرس أمهات الكتب الحديث، ثم انتقل منها إلى سهارنفور حيث أقام سنوات مشتغلاً بالتدريس والتعليم، ثم سافر من سهارنفور إلى القاهرة، وهنا حصل على درجة الدكتوراة في علم الحديث الشريف، وبعده أقام بدولة الإمارات العربية المتحدة وعمل في دائرة القضاء الشرعي بأبو ظبي، ثم تم تعينه في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة أولاً وفي جامعة الإمارات العربية ثانيًا للتدريس، ففضل الشيخ الندوي التدريس في جامعة الإمارات بمشورة من شيخيه المحدث الشيخ محمد زكريا الكاندهلوي والعلامة الشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي.

وفي آخر هذا الفصل ذكر المؤلف بعض أسماء تلاميذ الشيخ الندوي، وأقوال العلماء في الثناء عليه واعترافهم به.

أما الباب الثاني فنجد فيه مسيرة الشيخ الندوي العلمية بكل تفصيل وبيان، فذكر فيه المؤلف أعمال الشيخ الندوي وجهوده وإسهاماته وإنجازاته في خدمة الحديث النبوي الشريف، فمن كتبه ما قد ألفه وصنفه بنفسه، وحقق على عديد من الكتب التي لم يكن عليها نظر ناظر، ومنها ما قد علق عليه وشرحه، وهكذا نشر وطبع عديد من الكتب تحت إشرافه ورعايته.

ففي الفصل الأول لهذا الباب جاء تعريف بكتب الشيخ الندوي المؤلفة:

منها:

(1) أعلام المحدثين ومآثرهم العلمية.

(2) علم رجال الحديث.

(3) ساعة مع الربانيين.

(4) ترجمات ثلاثة المحدثين: الإمام مالك، والإمام البخاري، والإمام أبو داؤد رحمهم الله.

(5) السنة مع المستشرقين والمستغربين.

وغيرها من الكتب التي يبلغ عددها إلى إحدى وعشر كتابًا.

ثم سرد أسماء الكتب التي قد قام الشيخ الندوي بتحقيقها وبحثها.

منها ما هو في مجلدات عديدة، مثل: (1) أوجز المسالك إلى مؤطا الإمام مالك، (2) بذل المجهود في حل سنن أبي داؤد،(3) لمعات التنقيح شرح مشكات المصابيح، (4) الجامع الصحيح للإمام البخاري مع هاشية السهارنفوري،(5) الجامع الصحيح للترمزي مع الكوكب الدري على جامع الترمذي.(6) كتاب الزهد الكبير. وغيرها من الكتب التي لا يسع المقام ذكرها، فهذه الكتب كانت في مجلدات عديدة، فله در فيها وشرف.

ثم ذكر المؤلف الكتب التي ألفت تحت إشراف الشيخ الندوي وجمعت في رعايته، يبلغ عددها الى ستة وعشر كتابًا.

وفي الفصل الثاني لهذا الباب ذكر المؤلف رحلات الشيخ الندوي العلمية والدعوية داخل الهند وخارجها، فيظهر من هذه الرحلات أن له صلة قوية بالندوات العلمية ورابطة وثيقة بالمجالس التربوية، فإنه دعي كضيف ممتاز في عدة حفلات علمية شرقًا وغربًا على السواء.

ثم ذكر المؤلف عن الجامعة التي أنشأها الشيخ الندوي، هذه هي الشجرة الطيبة التي غرس بذرتها فأتت بثمرات يتمتع بها المسلمون، وهذه الجامعة تلعب دورا كبيرًا في إصلاح المجتمع، وتنمية عقول الطلاب المسلمين للعلوم الإسلامية.

ثم تحدث عن المركز العلمي للبحوث والدراسات الإسلامية الذي أنشأه باسم “مركز الشيخ أبي الحسن الندوي للبحوث والدراسات الإسلامية “، فإنه خطط له بنفسه وقدم فكرته وولى رئاسته، ثم جاء ذكر بعض إنجازات هذا المركز وإسهاماته، وفي الأخير ذكر المؤلف أسماء المؤسسات والأنظمة التي يشرف عليها الشيخ الندوي، فيبلغ عددها إلى تسع، ثم ذكر الجوائز التي قد حصل عليها الشيخ الندوي اعترافًا بخدماته العلمية الجليلة.

فهذا الكتاب القيّم يجمع في دفتيه جميع جوانب حياة الشيخ الندوي العلمية والشخصية، وقد ذكر أعمال الشيخ الندوي وجهوده بكل بيان وتفصيل لكي يستفيد بها طلاب العلوم الإسلامية عامة وعلم الحديث النبوي خاصة.

فهذا كتاب جدير بالمطالعة والدراسة ويستحق التقدير والقبول.

×