رحيل نجم أضاء سماء العلم والإصلاح

جعفر الطيار
20 مايو, 2025

رحيل نجم أضاء سماء العلم والإصلاح

محمد خالد الباندوي الندوي

أخي العزيز!

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تنعى صفحتنا “براعم الإيمان” بقلوب يملؤها الحزن والأسى الأستاذ جعفر مسعود الحسني الندوي الذي كان من أعلام الفكر والأدب والدعوة. فقدنا رجلا عاش حياة حافلة بالعطاء العلمي والأدبي، كان الرجل رمزا للإخلاص في الدين والتواضع والبساطة في الحياة، وإنك قد عرفته – يا أخي – من خلال ما كان يكتبه لك من الكتابات المفيدة، وما كان يهدي إليك من الهدايا القيمة مع كل منشور جديد من صحيفة “الرائد” كانت حياة الراحل كلها صفحة ناصعة من العطاء المتواصل، حمل فيها هموم أمته وسعى إلى إحياء القيم الإسلامية بأسلوب متين يجمع بين الأصالة والمعاصرة، فأصبح نبراسا يهتدي به من يبتغي الإصلاح والتربية للنشء الجديد.

كم تفيض الكلمات – يا أخي – حسرة على رجل كرس حياته لتنوير عقول قراء “صفحة براعم الإيمان”، وإضاءة أفكارهم بنور الفرقان، فقد نذر نفسه لتزويدهم بالمعاني السامية المقتبسة من مشكاة النبوة، وقام بغرس القيم الفاضلة في قلوبهم، فكان حقا علينا أن نذكره بخير، ونشيد بجهوده في خدمة الدين والأمة.

لقد كان صوتا محببا يروي لكم أجمل الحكايات، ويقص عليكم أحسن القصص، وينقل أعذب القيم من خلال كلماته الرقيقة، لقد كان يعرفكم وتعرفونه أنتم، يعرف نفسياتكم ومزاجكم، ويعرف طريقة فكركم وما يختلج في قلوبكم، ويعرف مطمح أنظاركم ومرمى قصدكم، فيخاطبكم بلغتكم، ويراعي عواطفكم، ويكتب لكم بأسلوب قوي مؤثر جذاب يناسب مستوى فكركم، كان يتناول الموضوعات الشيقة التي تمس وجدانكم وتثير كامن خواطركم، وتشعل عزائمكم الفاترة لتحفزكم، وتشجع هممكم الراكدة لكي تتقدموا، فكم من نفوس ميتة أحياها قلم أخيكم الحسني، وكم من قلوب غافلة استيقظت بكتابة فقيدكم الغالي، وعزائم صلحت بعد زيغها، وأفكار أثمرت بعد يبسها، وعقول استنارت بعد ظلامها.

لقد قضى سنوات يبث في قلبك – يا أخي – نور الإيمان وحب الخير، ولم يرد الأستاذ الحسني بكتابته في هذا العمود “البراعم” إلا أن يصنع من قرائه نماذج حية للمبادئ الإسلامية، مزدانة بالقيم الفاضلة النبيلة، لأنه كان يرى في صلاح الأفراد صلاح الأمة، فإن حياته تقتضي منك أن تسير على خطوات مهدها لك، ودروب أضاءها لنجاحك.

وكان الراحل قريبا من قلوب الناس لا يرى في نفسه إلا خادما لدين الله، حريصا على عمله، خالصا لوجهه تعالى، لقد ترك ثروة قيمة من الكتابات والتوجيهات التي ستبقى منارة لكل من يسعى إلى الفهم الصحيح للإسلام والعمل من أجله، فواجبنا اليوم أن نستقي من أفكاره ونستلهم من خواطره لنواصل المسيرة التي بدأها وأفنى عمره فيها.

نسأل الله أن يتغمده بواسع مغفرته ويسكنه فسيح جناته وأن يجزيه خير الجزاء عما قدم لدينه وأمته، رحمك الله يا جعفر مسعود الندوي وجعل الفردوس الأعلى مثواك.

×