نجم تلألأ ثم هوى

أيقونة اللغة العربية في الهند المعاصرة الشيخ جعفر مسعود الحسني الندوي
18 مايو, 2025
الأستاذ جعفر مسعود الحسني الندوي أديبًا وكاتبًا إسلاميًا
18 مايو, 2025

نجم تلألأ ثم هوى

زين العابدين الندوي

الموت حق ولكل نفس أجل لا يستأخر ساعة ولا يستقدم، هذه سنة الله في الأرض أن ليس لأحد الخلد، سيفنى كل شئي حين أجله، الموت حقيقة لا يجحدها أحد ولا يستطيع أن ينكر، فالعالم كله يسلم لهذه الحقيقة لكن المؤمن الذي يؤمن بالله يكون حيا دائماً والموت يكون سبب الانتقال من عالم الدنيا إلى عالم آخر فحسب، والمؤمن الشهيد خاصة يكون في روضات الجنة ويرزق عند ربه لكن أكثر الناس لا يعلمون.

إن الفقيد الأستاذ جعفر مسعود الحسني الندوي رحمه الله الذي فقدته الأمة الإسلامية في حادث مروري 15/ يناير مساء برائ بريلي لم يكن معلما ومدرسا بجامعة فحسب، بل كان مرجوا عند الجماهير ومركزا للآمال، مربيا ومرشدا للأجيال ومصلحا صادقًا بالأقوال والأعمال، كانت الأمة الإسلامية تنظر إليه نظر الصبي إلى أبيه ونظر الصغير إلى كبيره، لا شك في هذا أنه كان رجلا كريما في سلوكه مع الناس سواء كان صغيرا أو كبيرا معلما أو متعلما يأنس به كل من يلقاه، متواضعا غاية التواضع فرفعه الله عزوجل، معلما شفيقا يشهد به كل من قرأ عليه وتلمذ، تقيا نقيا في الأخذ والعطاء، هذه أوصاف الأتقياء والأولياء اتصف بها أستاذنا الرحيل لأنه تربى وترعرع في بيئة دينية وأسرة ربانية تحت الأشجار التي استفاد منها العالم.

إن الأستاذ الفقيد يمتاز من بين معاصريه بحسن الخلق وطول الصمت، هذه نعمة أنعم عليه ربنا عزوجل، يخاطب بـ”الأخ” كل من يلقاه مبتسما ولا يظهر منه أي أثر من الكبر مع كونه كبيرا وعظيما، هذا بجانب وأما بجانب آخر كان كاتبا قديرا شهيرا، بيده قلم سيال يأتي بالحكم والدرر خاليا من التصنع والتزخرف ولديه قلب سليم متفكر عن الأمة الإسلامية، كان ذا فكر سليم ورأي سديد خاصة حول القضايا الواردة في العالم الإسلامي وفلسطين، يأتي بالتوجيهات القيمة والإرشادات النافعة عبر كتاباته، افتتاحية صحيفة “الرائد” خير شاهد على ذلك وكتابه “أخي العزيز” مليء بمثل هذه الأفكار الذهبية، كان يريد أن يمثل الإسلام عمليا فوق الرسوم والمعتقدات ويبذل مجهوداته ومساعيه من عرض هذه الفكرة الإسلامية الأساسية أمام العالم، يريد بكتاباته أن ينشأ جيل مسلم يعرض الإسلام بعمله دون القول.

مرة لقيته على منزله خاتون منزل بأمين آباد مع الرفيق حماد كريم الندوي للاستشار في بعض الأمور فسمع معروضاتي بكل وهدوء وطمأنينة وأفادني ما أفادني آنذاك عرفت أنه جوهر وشخصية يحتاج إليه الأمة عامة وندوة العلماء خاصة.

لكن الأجل وأمر الله قد أتى بغتة ما كان مكتوبا عنده وإنا بفراقه لمحزونون لكن نقول ما أمر ربنا عزوجل إنا لله وإنا إليه راجعون، إنه قد ارتحل لكنه حي في قلوبنا وذكره خالد بمساعيه القيمة وأفكاره العظيمة.

تغمده الله برحمته ويغفر له ويدخله في جنات النعيم. آمين يا رب العالمين.

×