ليس منا من فعل ذلك (الحلقة الثانية)
1 فبراير, 2024آداب الصيام ورمضان
17 مارس, 2024كثرة أبواب الخير
عبد الرشيد الندوي
عن أبي سلام، قال أبو ذر: على كل نفس في كل يوم طلعت فيه الشمس صدقة منه على نفسه. قلت: يا رسول الله، من أين أتصدق وليس لنا أموال؟ قال: “لأن من أبواب الصدقة التكبير، وسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، وأستغفر الله، وتأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وتعزل الشوكة عن طريق الناس والعظم والحجر، وتهدي الأعمى، وتسمع الأصم والأبكم حتى يفقه، وتدل المستدل على حاجة له قد علمت مكانها، وتسعى بشدة ساقيك إلى اللهفان المستغيث، وترفع بشدة ذراعيك مع الضعيف، كل ذلك من أبواب الصدقة منك على نفسك، ولك في جماعك زوجتك أجر”.
قال أبو ذر: كيف يكون لي أجر في شهوتي؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أرأيت لو كان لك ولد فأدرك ورجوت خيره فمات، أكنت تحتسب به؟ ” قلت: نعم. قال: “فأنت خلقته؟” قال: بل الله خلقه. قال: “فأنت هديته؟” قال: بل الله هداه. قال: “فأنت ترزقه؟” قال: بل الله كان يرزقه. قال: “كذلك فضعه في حلاله وجنبه حرامه، فإن شاء الله أحياه، وإن شاء أماته، ولك أجر.
تخريج الحديث: أخرجه أحمد برقم: 21484 واللفظ له وابن حبان رواه برقم: 258 ولفظه: عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “لَيْسَ مِنْ نَفْسِ ابْنِ آدَمَ إِلَاّ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ”، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمِنْ أَيْنَ لَنَا صَدَقَةٌ نَتَصَدَّقُ بِهَا فهو مرفوع، ورواه البيهقي في الآداب برقم: 96 وفي «شعب الإيمان» (6/ 106 ت زغلول):
برقم: (7619) قال صاحب(أنيس الساري تخريج أحاديث فتح الباري) وهو الشيخ أبو حذيفة، نبيل بن منصور بن يعقوب بن سلطان البصارة في (11/ 1295): «ورواته ثقات غير حرملة بن يحيى المصري وهو مختلف فيه: وثقه ابن حبان وغيره، وضعفه أبو حاتم وغيره، وأبو سعيد مولى المهري واسمه بكر بن عمرو فيما ذكر ابن حبان (الإحسان 9/ 60) لم يذكر سماعاً من أبي ذر، ولم أر أحداً صرح بسماعه منه».
شرح الحديث: إن الله سبحانه وتعالى قد سهل للعباد سبل الخير والطاعة، وكثر أبواب البر والأجر، ويسر طرق السعادة والتقرب، فإذا آمن العبد وأسلم وجهه لله تعالى فلا يعدم وجوه الأجر والثواب، وهذا ما يبين عنه هذا الحديث الشريف، فإن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قد عد كل عمل يصل نفعه إلى الخلق صدقة، والصدقة مشتقة من الصدق الذي يدل أصله على الصلابة والشدة والقوة، لأن الصدقة يدل على قوة إيمان صاحبها وصلابة دينه، فلا يوفق لهذه الأعمال الحسنة والقربات الجليلة، وخصال الخير والنفع إلا من قوي دينه ورسخت قدمه في الصلاح، ولكن يشترط لذلك صدق النية والإخلاص، وإلا تعود أعمال الخير إثما ووبالا على صاحبها، وأما إذا قام بها من غير نية لا صالحة ولا فاسدة فقد قال أبو سليمان الداراني: “من عمل عمل خير من غير نية كفاه نية اختياره للإسلام على غيره من الأديان، فظاهر هذا أنه يثاب عليه من غير نية بالكلية لأنه بدخوله في الإسلام مختار لأعمال الخير في الجملة فيثاب على كل عمل يعمله منها بتلك النية. والله أعلم” ذكره ابن رجب في «جامع العلوم والحكم» (2/ 66 ت الأرنؤوط) ثم قال: «وظاهر هذا أنَّه يُثاب عليه من غيرِ نيّةٍ بالكلية، لأنَّه بدخوله في الإِسلام مختارٌ لأعمالِ الخيرِ في الجُملة، فيثابُ على كلِّ عمل يعملُه منها بتلك النية، والله أعلم»