الدكتور تقي الدين أحمد الفردوسي المنيري وأعلام أسرته عبر الماضي (2/ الأخيرة)
10 ديسمبر, 2024علمان جليلان من أعلام القرن الثالث عشر الهجري أنساهما الدهر
انتقاه: د. أبو سحبان روح القدس الندوي
هذان العلمان من أسباط الإمام المجاهد الكبير السيد أحمد بن عرفان الشهيد في “بالاكوت” سنة 1246هـ، وقد ترجمهما العلامة المؤرخ السيد عبد الحي بن فخر الدين الحسني المتوفى سنة 1443هـ في كتابه الذي طار صيته كلَّ مطار منذ ظهر إلى عالم النور، وهو “نزهة الخواطر” المطبوع أخيرًا باسم “الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام”.
أما أحدهما السيد محمد عرفان الطوكي فهو كما جاءت ترجمته في “نزهة الخواطر” (8: 463) فيما يلي:
“السيد الشريف محمد عرفان بن يوسف بن يعقوب بن إبراهيم بن عرفان الحسني الحسيني البريلوي ثم الطوكي، سبط السيد الإمام الشهيد السعيد المجاهد في سبيل الله السيد أحمد بن عرفان البريلوي رحمه الله ونفعنا ببركاته.
ولد ببلدة طوك سنة خمس وستين ومائتين وألف، ونشأ في عفاف وطهارة، وقرأ المختصرات ببلدته على المولوي عبد الغفور والشيخ عبد الملك والشيخ عبد المالك والقاضي إمام الدين وغيرهم من علماء بلدته، ثم سافر إلى ديوبند وقرأ بعض الكتب الدرسية على مولانا محمود حسن الديوبندي ومولانا يعقوب بن مملوك العلي النانوتوي، ثم سافر إلى بهوبال وقرأ ما بقي له من الكتب الدرسية على شيخنا القاضي عبد الحق الكابلي، وقرأ الصحاح الستة على المفتي عبد القيوم بن عبد الحي البكري البرهانوي، وحصلت له الإجازة عن شيخنا القاضي حسين بن محسن الأنصاري اليماني، ثم سار إلى دهلي وأخذ عن السيد نذير حسين الدهلوي المحدث، وحصلت له الإجازة منه، ثم سافر إلى سهارنفور وتأدب على مولانا فيض الحسن السهارنفوري، وجمع العلم والعمل، والشعر والزهد والفصاحة، والورع، وقيام الليل والعبادة، والسداد في الرواية وقلة الكلام فيما لا يعنيه، وتلاوة الكتاب العزيز، وكان في حفظه عن ظهر قلبه آية باهرة، قل أن يرتج في قراءته مع ما منحه الله سبحانه من الصوت الحسن، إذا سمع المار في طريقه وقف، وكان لا يقلد أحدًا في الفروع ويعمل بالحديث، وله شعر رقيق، سهل التركيب، منسجم الألفاظ، عذب النظم، ومن خصائصه أنه لم يبالغ في مدح أحد ولا أطرى فيه، فإن اتفق له فكان بالدعاء والثناء الجميل لا يتجاوز عن الواقع، وكان له منزلة جسيمة عند أمير بلدته نواب إبراهيم علي خان الطوكي”.
ثم أورد المؤلف نبذًا من شعره أحذفها خوف الإطالة، من شاء الوقوف عليها يراجع هذا المصدر.
توفي ببلدة طوك يوم الجمعة لسبع بقين من ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة وألف”.
أما الآخر السيد مصطفى بن يوسف الطوكي فترجمه صاحب “نزهة الخواطر” (8: 503) قائلاً:
“السيد الشريف العلامة العفيف مصطفى بن يوسف بن يعقوب بن إبراهيم بن عرفان الحسني البريلوي ثم الطوكي، المتفق على ولايته وجلالته.
ولد ونشأ ببلدة “طوك” وحفظ القرآن، ثم اشتغل بالعربية أيامًا على المولوي عبد الغفور النحوي الطوكي، ثم سافر إلى البلاد وقرأ على مولانا أمير أحمد بن أمير حسن السهسواني والعلامة عبد الحي بن عبد الحليم اللكهنوي، ثم أخذ الحديث عن السيد المحدث نذير حسين الحسيني الدهلوي، ورجع إلى بلدته فدرّس وأفاد بها زمانًا، ثم سافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار، وأقام بالحجاز سنة كاملة.
وكان – رحمه الله ونفعنا ببركاته – رحيب الصدر، كريم الكف، واسع العطاء، كثير البكاء من خشية الله سبحانه، لم يكن يلبس لبس المتفقهة والمتصوفة ولا يختار ثيابهم من تكبير العمامة وتطويل الأكمام، وكان يعمل ويعتقد بالحديث الشريف، وكان شيخنا محمد نعيم بن عبد الحكيم اللكهنوي مع صلابته في المذهب يقول: إن لمثله يسوغ أن يتتبع الأحاديث ويعمل بها نظرًا إلى تورعه، وبالجملة فإنه كان قريع أوانه وفريد زمانه في الإقبال على الله والاشتغال بالعبادة والمعاملة الربانية، وضع الله سبحانه له المحبة في قلوب عباده، لما اجتمع فيه من خصال الخير من العلم والعمل، والزهد والتواضع، وحسن السلوك وتهذيب النفوس، والدلالة على معالم الرشد وطرائق الحق، وإيصال الخير إلى كل محتاج، لم تر عيني مثله في الورع، ولم أجد أحدًا يساويه في اتباع السنة السنية، وكان سبط سيدنا الإمام الشهيد السيد أحمد بن عرفان البريلوي.
مات يوم الأربعاء لخمس بقين من شعبان سنة عشرين وثلاثمائة وألف ببلدة “طوك”.