هل يكفي الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم؟
28 نوفمبر, 201970 عاماً على “الناتو”.. ألمانيا تحذر من المساس بالحلف
22 ديسمبر, 2019التخلص من مركب النقص هو العامل الأساسي للتقدم والنهضة
نتحدث كثيراً عن النهضة وأسبابها وشروطها وأبعادها وحاجتنا إليها، لكن هذه النهضة التي نحلم بها ونسعى لتحقيقها ونعيش في ظل آمالها، لا تزال تبتعد عنا رغم أننا نملك كل ما تنهض به الأمم وتتقدم، وترتقي به وتزدهر، وتعلى من شأنها وترفع من قيمتها، وتخصص لنفسها مكانتها المتميزة، فَلِمَ هذا الركود يلاحقنا؟ ولِمَ هذا الخمول يتبعنا؟ ولِمَ هذا الانحطاط يطاردنا؟ يجيب على هذه الأسئلة المفكر الجرائري المعروف مالك بن نبي، وهو يعتبر من أبرز المفكرين الإسلاميين، ومن غرابة أمره أنه تعلم اللغة العربية بعدما جاوز الخمسين من عمره، لأنه نشأ في فرنسا وعاش فيها وألف كتبه بالفرنسية، وتمَّ نقلها إلى العربية، فعرفناه وعرفنا مكانته بين المفكرين الإسلاميين الآخرين بكتبه المترجمة إلى العربية.
طرح أحدُ المهتمين بالنهضة الإسلامية على هذا المفكر الجزائري سؤالاً عن أكبر عامل من عوامل النهضة التي يمكن أن ينهض بها العالم الإسلامي من جديد، وما هي الصعوبة الكبرى التي تعترض أو تحول دون هذه النهضة، فأجاب بالكلمات الآتية.
” يجب أن نعتبر النهضة التي نسميها بالنهضة الإسلامية منذ عهد بعيد، منذ عهد جمال الدين الأفغاني والسيد محمد عبده، وهذه الفترة من التاريخ لا تنفصل طبعاً عن الفترات السابقة، ولا يمكن أن يعزلها الدارس عن المقدمات التاريخية التي تقدمتها.
ولا يمكن أن تزول أسباب الركود الذي سار عليه السيد جمال الدين الأفغاني والسيد محمد عبده بمجرد أن نرفع شعار النهضة، بل يجب أن تكون هناك نقطة انتقال من مرحلة الركود إلى مرحلة النهوض لتحقيق شروط النهضة”.
وأضاف قائلاً: ” إن الشيء الذي يجب إلفاتُ النظر إليه هو أننا عندما رفعنا شعار النهضة في العالم الإسلامي منذ قرن تقريباً كان من واجبنا أن ندرس تلك الفترة التي سبقت ونتحقق من الأسباب التي كونت هذا الركود الذي رفعنا ضده شعار النهضة، لكنني أقول بكل أسف أن هذه الدراسة لم تجر في العالم الإسلامي، سواء في الدراسات الحديثة، وسواء فيما تقدمتها من الدراسات القديمة المطبوعة بطابع الثورة التاريخية التي نسميها بالنهضة الإسلامية”.
ردّ هذا المفكر الجزائري حينما سأله السائل عن الخطوط العريضة للنهضة قائلاً: “يجب أولاً أن نتخلص من مركب النقص نحو هذه المرحلة التي نسميها بالركود، وهو الركود فعلاً موت التفكير، خمود المجهودات الاجتماعية، تفكُّك الصلات الاجتماعية داخل المجتمع الإسلامي، وهذه الأشياء عبارة عن سكون وخمود وركود لأي مجتمع في فترة معينة، وهي تعتري كل مجتمع،وتعتري كل أمة، وهذه ظاهرة تاريخية مرّت بها كل أمة في فترات مختلفة، وهي مصدق هذه الآية الكريمة: “تلك الأيام نداولها بين الناس”.
فلابد لنا قبل كل شيء إذا أردنا النهوض والتقدم والرقي أن نتخلص من الشعور بمركب النقص ونتخلص من الشعور بأن ظاهرة التخلف والركود والجمود خاصة بنا، بل يجب أن ننظر إلى الوراء، ونعود إلى الخلف حتى نصل إلى الرعيل الأول وهم الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، وهي الفترة التي ترفرف فيها راية الإسلام في معظم بلدان العالم شرقاً وغرباً لأن النظر إلى تلك الفترة الذهبية التي كان يحكم فيها الإسلام ويسود فيها النظام الإسلامي في كل مجال من مجالات الحياة يعيد إلينا الثقة بالإسلام ويخلصنا من الشعور بمركب النقص، وهذا ما نحتاج إليه الآن.
جعفر مسعود الحسني الندوي