لمحات من حياة الإمام الندوي رحمه الله تعالى

رحيل نجم أضاء سماء العلم والإصلاح
20 مايو, 2025
رحيل نجم أضاء سماء العلم والإصلاح
20 مايو, 2025

لمحات من حياة الإمام الندوي رحمه الله تعالى

محمد الثاني الحسيني(*)

نتذكر اليوم شخصية عبقرية يعترف بفضله ومكانته معظم أهل العرب والعجم، ويعدونه من الأفذاذ والعباقرة وهو الشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي من كبار علماء الهند في تاريخها، يستمع إليه قادتها حينما كان يتكلم، ويأتي إليه رؤساؤها ووزراؤها ليزوروه وينالوا منه النصائح والتوجيهات في مسيرة الحياة

كان الشيخ الندوي مزيجًا من الزهد والتقوى، متحلياً بحلية القناعة والكفاف والغنى “وكانت له إنجازات علمية فكرية أدبية متميزة، حيث صنف كتباً على سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وكتباً محتوية على قصص الأنبياء والرسل، وتدرس هذه الكتب في مدارس الهند وغيرها من البلاد الاسلامية، ويستفيد طلابها من هذه الكتب استفادة كبيرة، وأشهر كتبه ” ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين”، وإنما هذا الكتاب الذي ذاع صيته في أنحاء العالم الاسلامي كله، لعب دوراً هاماً في إنقاذ الشباب المسلمين من غفلتهم العمياء واندماجهم البالغ في الثقافة الغربية الجوفاء، وأدى دوراً أساسياً في توطيد ثقتهم بالإسلام في القرن المنصرم، ومازال أهل العلم وأصحاب الفكر يستفيدون منه.

ذات مرة كان الشيخ الندوي جالساً في المسجد الحرام إذ سمع إمامه يقول: الشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي حفظه الله قال…….. فما إن سمع أن عبارة قروي من سكان الهند تقرأ في المسجد الحرام حتى دمعت عيناه فرحاً وسروراً واعتز به اعتزازاً وشكر الله على هذا الشرف العظيم.

وكان الشيخ الندوي يحمل القلب الحنون كما أخبرنا أبونا أنه كان يحن على الصغار ويلاطفهم، وكان يعطيهم كلما يلاقيهم الحلوي والشكولاته ولكنه مع هذا كان لا يتحمل سوء أدبهم مع الكبار حتى إذا رأى صغيراً ماداًّ رجليه أمام الكبار، فيثقل ذلك عليه ويغضب غضباً شديداً، وينبهه على سوء أدبه ويوكد له أن يحترم الكبار، يقول النبي صلى الله عليه وسلم (مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيْرَنَا وَلَمْ يُؤقِّرْ كَبِيْرَنَا فَلَيْسَ مِنٌَا)، وهذا الحديث يدل على هذا، أن الشفقة على الصغار وتوقير الكبار لازم على كل مسلم.

أما مكارمه في مجال الخطابة فقد ألقى محاضرات كثيرة علمية دعوية قيمة في منصات مختلفة، مرة كان يخطب فقال: لا نترك أبداً أحكام دين الله وفرائضه ومستحباته حتى نُصِرَّ على صلاة الليل، ولا ننفض أيدينا عن شعبة من الدين الحبيب، فكان الشيخ الندوي يقول الحق دون خوف وخطر، ولا يخاف في الله لومة لائم.

وقد منحت له جوائز متعددة، أشهرها جائزة الملك فيصل العالمية، وكان يعطي جوائزه في المدارس، ولا ينفق حبة منها على نفسه وبيته وأسرته، فكان زاهداً في الدنيا ومالها، ويعمل أعمالاً صالحة خالصة لوجه الله عز وجل، وفي آخر حياته دعاه الأمير راشد المكتوم حاكم الإمارات العربية المتحدة إلى دولته، لكن الشيخ الندوي رفض دعوته أولاً ثم شرف دعوته بالقبول لإصراره الشديد لأنه فكر أن يفيده بتوجيهاته الثمينة، فما مضت عليه سنتان حتى انتقل إلى جوار ربه يوم 31 ديسمبر سنة 1999م يوم الجمعة وهو يتلو القران الكريم وتركنا محزونين مكروبين. رحمه الله تعالى ورفع درجاته وأدخله فسيح جناته.

(*) مدرسة مظهر الإسلام لكناؤ