كيف تكون أعبد الناس وأشكر الناس؟

حق شهر رمضان
2 أبريل, 2023
صفة المؤمن الصالح والفاجر الطالح عند الموت
3 سبتمبر, 2023

كيف تكون أعبد الناس وأشكر الناس؟

عبد الرشيد الندوي

عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يأخذ عني هؤلاء الكلماتِ، فيعمل بهن، أو يعلِّمُ من يعمل بهن؟ قلت: أنا يا رسولَ اللهِ! فأخذ بيدي، فعدَّ خمسًا، فقال: اتقِ المحارمَ تكن أعبدَ الناسِ، وارضَ بما قسم اللهُ لك تكن أغنى الناسِ، وأحسن إلى جارِك تكن مؤمنًا، وأحبَّ للناسِ ما تحب لنفسِك تكن مسلمًا، ولا تكثر الضحكَ، فإنّ كثرةَ الضحكِ تميتُ القلبَ.

تخريج الحديث: أخرجه الترمذي (2305) واللفظ له، وابن ماجه (4217) ولفظه:

يا أبا هريرةَ كن ورعًا تكن أعبدَ الناسِ وكن قنعًا تكن أشكرَ الناسِ وأحبَّ للناسِ ما تحبُّ لنفسِك تكن مؤمنًا وأحسِنْ جوارَ من جاورَك تكن مسلمًا وأقِلَّ الضحكَ فإنّ كثرةَ الضحكِ تميتُ القلبَ.

شرح الحديث: يشتمل الحديث الشريف على نصائح غالية وتوجيهات جامعة، الأولى: الورع والتقوى، وهو أصل الدين وجماع الخير، ومصدر الهدى، ومنبع السعادة، ومفتاح الجنة، وكنز الحسنات، والبركات، ومقصود العبادة، وطريق التقرب إلى الله تعالى، فالرجل الذي يحافظ على الفرائض ويؤدي الواجبات، ويجتنب المحارم ويتقي المعاصي، ويتورع عن المآثم والمشتبهات، ويقف على حدود الله تعالى خير ممن يكثر من النوافل والتطوعات، يصوم النهار ويقوم الليل، ولكنه لا يبالي ببعض المعاصي والشهوات، فيقع في المنهيات، ويخوض في المحرمات ولا يتورع عن الشبهات.

و الثانية هي القناعة بما آتاه الله من الرزق وما خول من المال والولد وما قسم من الحظوظ والجدود، والرضاء بما قدر الله وقضى، وهذه الخصلة تنشأ من الإيمان بالله سبحانه وتعالى، واليقين والتوكل عليه، والتفويض إليه، فترسخ في القلب، وتتعمق في النفس، وتتغلغل في الأحشاء، وتسري من الإنسان مسرى الروح وتجري منه مجرى الدم، وبفضل ذلك يحس الإنسان في داخله بموجة من الغبطة والمسرة والفرحة، ويذوق لذة السعادة، ويجد طعم الإيمان واليقين، وينبع من قلبه الشكر، والرضاء، والاستغناء عن الناس، والثالثة هي حب الخير للناس والنصح لهم، وسلامة القلب من الحسد والبغض والضغينة، والمكر والكيد وإرادة السوء والشر، والرابعة هي حفظ الجوار والإحسان إلى الجيران والأرحام خاصة وبذل المعروف لهم ووصلهم بالبر والهبة وحسن السلوك ودماثة الخلق وبشاشة الوجه، وطلاقة المحيا، والخامسة هي أن لا يكثر من الضحك ولا ينهمك في الغفلة، ولا يتمرغ في إرضاء الأهواء المادية، بل لا يزال يتذكر مصيره ويذكر الآخرة، ويرجو لقاء ربه، ويخاف مقامه بين يديه، ويكثر من ذكر الموت، ويحاسب نفسه عند كل صغيرة وكبيرة. والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.

×