شهر رمضان موسم خير وبركة وارتياح للقلوب

موقف مزدوج
7 أبريل, 2022
طاقة أقوى من الطاقة المادية
18 يونيو, 2022

شهر رمضان موسم خير وبركة وارتياح للقلوب

الشيخ محمد الرابع الحسني الندوي

لقد دخلنا في شهر رمضان الفضيل، وهو شهر يأتي كل عام لأبناء الإسلام قاطبة كسحابة نعمة وسكينة تظل على قلوبهم وأرواحهم، نجد تأثيرها في مظاهر الارتياح الحاصل لها، وفي الأعمال الخاصة به، ويتجلى ذلك في امتناع المسلمين عن الاستمتاع الحيواني الحر في الأكل والشرب، بدون مبالاة لما يرضى به ربهم وما يأتي منه سخطه، وامتناع المؤمنين عن سوء العمل في هذا الشهر الفضيل يظهر بصورة ظاهرة في أوقات النهار، وفي معاملتهم الأخوية والودية مع الناس والتعاطف معهم والتعاون فيما التيسير في سد حاجاتهم، أما في ليالي هذا الشهر الكريم فيزول عنهم انقطاعهم عن أخذ حاجاتهم إلى الطعام والشراب، ويبقى لديهم الالتزام بالمعاني الإنسانية الكريمة فيما بينهم، والعبادة لربهم يقومون بذلك طالبين لرضا ربهم بالتوجه بقلوبهم إلى ربهم، وبذلك كله تصبح المجتمعات التي يعيش فيها المسلمون في هذا الشهر بأعمال العبادة والخير، بيئات يعم فيها الخير وحسن الأحوال والسلوك الجميل.

أكتب هذه السطور وأنا في هذا الشهر الفضيل غير أن العشرة الأولى قد انتهت، ومضت أيام من العشرة الثانية، واقترب العقد الأخير منه، ويختص هذا العقد الأخير من الشهر بزيادة التعبد والإحسان، وبخاصة في لياليه، فكثير من المسلمين يعتكفون في المساجد للتجرد لعبادة ربهم، وطلب رضاه وطلب العفو عما بدرت منهم من أعمال غير لائقة في أيامهم الماضية وتقصيرهم عن السلوك الحسن، وعن المحافظة اللائقة على الأخلاق الإنسانية، والتوجه إلى طلب رضا ربهم بالعبادة والابتهال والدعاء.

لقد جعل الله تعالى فيما فرضه على عباده من أعمال وصفات نظاماً خيرياً كريماً لهذا الشهر وبخاصة بليلة خاصة من لياليه بتكريمها ورفع منزلتها من بين الليالي الأخرى، لقد جعلها في مرتبة عليا منها وهي مرتبة تعادل ليالي ألف شهر، فيكسب المتعبد فيها والعامل لمرضاة ربه فيها، أضعاف ثلاثين ألف عمل على عمل واحد، فكم يصبح ذلك تجارة رابحة عن طريق العمل الخيري، غير أن المؤمن الطالب لرضا الله في هذه الليلة مكلف ببحث هذه الليلة من بين ليالي العقد الأخير بسبب عدم تعيينها بالضبط، ولعل الله تعالى جعل هذا الإخفاء ليعم طلب عبده لرضا ربه في هذه الليالي كلها.

وينتهي العقد الأخير بجائزة رب العالمين على أعمال هذا الشهر، لمن قاموا بما وسعهم من الالتزام بحياة العبودية، وأعمال الخير والكرامة، فنحن نهنيء المؤمنين الصادقين المخلصين في طلب رضا ربهم بما سينالون من الأجر على أعمالهم لهذا الشهر، وبالجائزة التي تحصل لهم في صورة يوم العيد الذي يأتي بالسماح للصائمين بأن يختاروا ما تتطلبه حاجتهم إلى الطعام والشراب في أوقات النهار كذلك، وتظهر هذه الجائزة في مظاهر الفرح والابتهاج والزينة وتبادل التهاني والتبريكات، وأداء صلاة الشكر في الصباح الباكر لهذا اليوم، ويتجلى ذلك في فرح المسلمين وابتهاجهم ومظاهر التهاني في هذا اليوم، واليومين التاليين بعده، ويصبح بذلك هذا اليوم غرة في جبين شهر رمضان الفضيل، يصبح الشهر كله موسم خير وبركة وارتياح للقلوب، ومظهر جمال وخير لحياة المسلمين الخليقة والروحية، ويمكن مشاهدة ذلك في كل عام عندما يأتي هذا الشهر ثم يأتي بعده يوم الفطر السعيد، فياله من موسم مبارك للحسنات والخيرات، فهنيئاً للمسلمين على حياتهم في هذا الشهر وعلى جائزة أعمالهم بيوم العيد.

×