المنهج السماوي للعالم المعاصر
22 نوفمبر, 2025مَن لهؤلاء الشباب!؟
سعيد الأعظمي الندوي
شبابنا اليوم يتميزون بالطموح إلى كل ما ينفعهم من العلوم والمعارف، والصحة والقوة، وسعة الاطلاع على ما يدور في فلك التطور العلمي والفني، وهم كما قال تعالى: “إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ” [الكهف:13–14]، فهم لا يقعون فريسة الأهواء والأحلام، ولا يغترون بالمظاهر الجوفاء وإنما يبحثون عن أمور يستفيدون منها في مجال التقدم العلمي والديني لكي لا يتأخروا عن ركب الحياة الحاضرة، ولا يكونوا عالة على الغرب أو الشرق، في التقنية العلمية والاقتصادية؛ بل ويكونوا على درب سلفهم من العلماء والمبدعين في نشر العلوم والثقافات وألوان من المعارف،إن مسيرتهم التفقدية لا تزال متقدمة إلى النمو والرقي في عالم هو بأمس حاجة إلى اتساع وسائله المعرفية،وذلك سدًا للضرورات المتصاعدة الحضارية بزيادة عدد سكان العالم اليوم.
إن مثل هذا النوع من الشباب حاجة العالم الإسلامي اليوم أكثر منهم في العالم الغربي حيث تترجح كفة الصناعات والتقنيات بإزاء الإيمان والعقيدة التي لا يكاد يستغني عنها شبابنا المسلم مهما كان، إنه لا يكاد يتنازل عن هويته الإيمانية ولن يرضى بأن يشتري متاع الدنيا بشيء أغلى من الدنيا وما فيها،وذلك هو ثروة الإيمان والعقيدة التي لا تساويها أي نعمة من الحكم والمال والمتاع بل كل ذلك مرفوض إزاء الإنسانية التي أكرم بها والعقل السليم الذي رُزقه لكي يفكر فيما خلقه الله سبحانه وتعالى من هذه الكائنات التي هي عامرة بالآيات البينات والآثار الباهرات، وفي الصلة التي يتمتع بها ويعيش في ظلالها الوارفة، وهي صلة العبد بالمعبود، صلة الإنسان بربه الكريم “يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ” [الانفطار:6–8].
وهنا نوع آخر من الشباب، وهم يعتبرون ضرورة كل مجتمع ودولة، لأنهم يقومون بأداء حب الأمن والصيانة، وإزالة كل منكر من الخوف والمنازعات وسد حاجات السلم والسلام وصيانة ثغور البلاد، وهم يحرسون الدول والحكومات من كل بغي وظلم وفساد “إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ” [الصف:4]، ولكن جيل الشباب الذي هو في دور البناء والتربية من خلال ارتباطات شخصية أو بواسطة التعليم والتثقيف، أو بطريق المدارس والجامعات، فإنه يمكن أن توزع بين أنواع مختلفة، فنوع من هؤلاء الشباب يتمتعون بروح الموضوعية والسعي الخالص نحو تحقيق هدف البناء، وهم يتخرجون هداة أو دعاة وقادة، ونوع آخر تقليدي لا يعرف الغرض من قضاء وقته الغالي بين أسوار المدارس والكليات وفي مدينة الجامعات، إنما يرون الآخرين فيتبعونهم من أن يكون لديهم معنى للاتباع سوى إن يقتفوا طلاب العلم والدين الهادفين وليس لديهم أي معلومية أو هدف لما يقضون فيه أوقاتهم وأعمارهم وإن عددهم قد يتجاوز القياس، بل وقد يؤثرون على الآخرين ويصوغونهم في قالب الهزل واللامبالاة والانصراف عن الجدية والسلوك الممتاز.
فما هذا النوع من الشباب – سواء من أي مجتمع أو أصل كانوا –؟! أفهل تحول شبابنا إلى الوحوش أو أضل منها! فكيف يمكن أن يكونوا عنصرًا بناء لأنفسهم فضلاً عن بناء الوطن والشعب وكيف يكونون عضوًا مفيدًا في جسم المجتمع.

