صلتنا بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم
15 ديسمبر, 2017هل المعاصي تجلب المآسي
26 يناير, 2018الإسلام دين يسر وقصد
الإسلام دين يسر وقصد!
منذ مدة ليست بعيدة يرتج الجو في المجتمعات وبعض الدول المسلمة بالإسلام المنفتح، أو بكلمة غيرها (الإسلام المعتدل) ومعلوم أن الإسلام من أول يومه دين القصد والاتزان، بعيداً عن كل غلو أو انحراف، وكان ذلك منة من الله سبحانه على عباده وعلى العالم البشري بأجمعه، فإن العارف الخبير بتاريخ الإنسان قبل الإسلام يؤمن بواقع الإنسانية التي كانت تئن تحت وطأة الجور والظلم، وتعيش فوارق كثيرة من اللون والجنس والنسب والوطن واللغة والعنصرية المتفاقمة، حتى جاء الإسلام وأبطل جميع هذه التفاريق والمقاييس الزائفة وأقام الناس كلهم في صف واحد من البشرية وأعلن أن الناس كلهم من آدم، وآدم خلق من تراب لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي، ولا لأبيض على أسود ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى.
فالتقوى هي المقياس الأصيل لوزن الأفراد والجماعات وقياس الشعوب والحكومات كلها، ومنذ ذلك الوقت أصبح أتباع الإسلام سواسية، وبات الدين مقتصداً معتدلاً بصورة دائمة ومواصفات كاملة، ولم يعد أي مندوحة للنقص والزيادة في الدين في أي ظرف أو زمان إلى يوم الدين، ذاك أن طبيعة الإنسان وطبيعة الإسلام واحدة فلا تتغير، ولا تجد لأي معالجة مستحدثة سبيلاً، وإن استمرارية العالم البشري مع طلوع شمس الإسلام مرتكزة في الحياة والكائنات كلها ولم يحدث أي تغيير في أي مرحلة ولم يكتب أي نجاح لمن حاول أن يثبت تفوقاً لفكرة أو نظرة بإزاء الإسلام في عصر من العصور مهما تميزت باكتشافات هائلة من العلوم والتطورات المعرفية والصناعات المعجزة والتقنيات المحيرة للعقول، ولو ظن رجل أنه أتى بنادرة لم تخطر على بال إنسان أو زعم أنه تقدم في العلوم والمعارف تقدماً هائلاً وأضاف إليها ما لم يكن في الحسبان، فإنه يجد نفسه أمام العلوم والمعارف التي حوتها آيات كتاب الله وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عاجزاً ويجد جميع اكتشافاته الحديثة فكراً بالياً لا قيمة لها بإزاء ذلك السر العظيم العميق الذي ضمنه الله تعالى ذلك الأساس الذي أقام عليه صرح الدين الإسلامي وتوجيهاته الدائمة القائمة مع بقاء العالم البشري إلى يوم الدين.
حاول العالم الغربي الذي عاش عالة على كبار علماء الإسلام الذين نهلوا من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم جميع أنواع العلوم الكونية من الأفلاك والأراضي والبحار والجبال، والنجوم والكواكب، وما يتعلق بحياة الإنسان ومعالجة الأمراض، ودراسة التركيبة الجسمية وأسرار القدرة الإلهية في كل جزء من الأجسام ذات العقول وغيرها، إنهم درسوا آيات الخلق والكون بغاية من التعمق والتأمل الدقيق، فأصبحوا على أعلى منزلة من العلم والفقه والبصيرة، أساتذة بارعين وعلماء متخرجين من مدرسة الإسلام بارعين في العلوم والمعارف الإنسانية والكونية كلها، وتلمذ عليهم الغرب العائش في ظلمات الجهل والوحشية، فأول ما قام به هؤلاء العلماء المسلمون المتبئون على منازل عالية للتطورات العلمية المعرفية أنهم فتقوا عقول الجنس البشري التائه في صحراء الأمية والغفلة وألبسوه لباس الإنسانية، وما زالوا باذلين قواهم العقلية والعلمية حتى لقنوه درس الإنسانية والعلم معاً، أنشأوا له مدارس ومراكز للتعليم والتربية.
ذلك هو الغرب الذي يتناسى وضعه السابق ويتبجح بأنه هو القائد الأول لجميع مسيرات العلوم والمعارف والاكتشافات التقنية والصناعات الهائلة، ويتنكر للأمة الإسلامية ويرفض كل ما أسدى إليه علماء المسلمين في العصور السابقة من الخير الكثير، ويأمر المسلمين بإدخال تعديلات في النهج العلمي والديني في المجتمعات الإسلامية وتغيير القديم بالجديد، وإيثار اللين على الشدة في بعض المراسيم الدينية وطبيعة الشرع والعقائد الإيمانية.
الواقع الذي أخذه بعض أنصاف المفكرين وأرباع المعلمين بعين الاعتبار ورأوه حقيقة العصر الراهن من غير تفكير في حقيقة هذا الدين الذي أنزله الله تعالى ديناً كاملاً من جميع النواحي وإلى آخر لحظة البقاء في الدنيا، وأتم نعمته على الإنسانية جمعاء.
ليتنا رجعنا إلى ما منّ به الله سبحانه وتعالى على الإنسان وقال بالتأكيد والتبشير في كتابه العظيم:
“الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا” [المائدة:3]، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
سعيد الأعظمي الندوي