إسهامات الشاعر الهندي فضل حق الخيرآبادي في مدح رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم
23 سبتمبر, 2024العتاب خير من الحقد
عبد الودود الندوي
الأحنف بن قيس، الأمير الكبير، العالم النبيل أبو بحر، التميمي، أحد من يُضرب بحلمه وسؤدده المثلُ، كان من قوّاد جيش علي كرم الله وجهه يوم صفين، كان ثقة مأمونًا، [اقتبست ما يأتي من أقواله الثمينة المملوءة بالحلم والحكم من سير أعلام النبلاء للذهبي من المجلد الرابع].
فقال: احتبسني عمر عنده حولاً، وقال: قد بلوتك وخبرتك فرأيت علا نيتك حسنة، وأنا أرجو أن تكون سيرتُك مثلَ علانيتك.
قال حماد بن سلمة: عن علي بن زيد، عن الحسن، عن الأحنف بن قيس، قال: بينا أنا أطوف بالبيت في زمن عثمان إذ لقيني رجل من بني ليث، فأخذ بيدي، فقال: ألا أبشرُك؟ قلتُ: بلى! قال: أما تذكر إذ بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومك بني سعد أدعوهم إلى الغسلام فجعلتُ أخبرهم، وأعرض عليهم، فقلتَ: إنه يدعو إلى خير وما أسمع إلا حسنًا، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: “اللهم اغفر للأحنف” فكان الأحنف يقول فما شيء أرجى عندي من ذلك، رواه أحمد في مسنده.
قال العِجليّ: الأحنف بصري ثقة، كان سيد قومه، قال ابن المبارك: قيل للأحنف بم سوّدوك؟ قال: لو عاب الناس الماءَ لم أشربه، قال خالد بن صفوان: كان الأحنف يفر من الشرف والشرف يتبعه.
عن الحسن قال: ذكروا عند معاوية شيئًا، فتكلّموا والأحنف ساكت، فقال: يا أبا بحر! مالك لا تتكلم؟ قال: أخشى الله إن كذبتُ، وأخشاكم إن صدقتُ.
قال سليمان التيمي: قال الأحنف: ثلاث فيّ ما أذكرهن إلا لمعتبر، ما أتيتُ باب السلطان إلا إن أدعى، ولا دخلتُ بين اثنين حتى يُدخلان بينهما، وما أذكر أحدًا بعد أن يقوم من عندي إلا بخير.
وعنه: ما نازعني أحد إلا أخذت أمري بأمور، إن كان فوقي، عرفت له وإن كان دوني رفعت قدري عنه، وإن كان مثلي تفضّلت عليه، وقيل: إن رجلاً قال للأحنف: بم سُدت؟ وأراد أن يعيبه، قال الأحنف: بتركي من مالا يعنيني كما عناك من أمري مالا يعنيك.وقال: رأس الأدب آلة المنطق، لا خير في قولٍ بلا فعلٍ، ولا في منظر بلا مَخبَرٍ، ولا في مال بلا جود، ولا في صديق بلا وفاء، ولا في فقه بلا ورَعٍ، ولا في صدقة إلا بنية، ولا في حياة إلا بصحّة وأمن.
وقال: العتاب مفتاح الثُّقالى، والعتاب خير من الحقد، وعنه قال: لا ينبغي للأمير الغضبُ، لأن الغضب في القدرة لقاح السيف والندامة، وعنه لا يتم أمر السلطان إلا بالوزراء والأعوان، ولا ينفع الوزراء والأعوانُ إلا بالمودة والنصيحة، ولا تنفع المودّة والنصيحة إلا بالراي والعفة.
مات الأحنف سنة سبع وستين.