قوم سبأ وكفران النعمة
14 نوفمبر, 2022أوفى من السموأل
26 ديسمبر, 2022أغلى الثروة في الكون
(محمد خالد الباندوي الندوي)
أخي العزيز!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الغيرة – أيها الاخ – خلق فاضل نبيل، وإنها مصدر الشيم الحميدة، ومورد الشرف والفضيلة، وهي الصفة التى إذا تحلى بها قوم يصبح رفيعا في المجتمع، ويبقي حائزا المكانة المرموقة، وبفضلها يظل شرفه سليما من الدنس، وتبقى كرامته بعيدة من أن تمس،وبها نال من نال من المجد في الحياة الدنيوية، وهي التي لا محيص عنها في إبقاء ما جمعه من المحامد،وما اكتسبه من المآثر،يقول الشاعر العربي
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى
حتى يراق على جوانبه الدم
فقد حمد الاسلام الغيرة العربية وشجع أتباعه عليها،لأن الغيرة بكامل معناها إذا تمكنت في مجتمع كان كالجبل المنيع حمية ودفاعا عن الأعراض والحرمات وشرف النفس،لايرضى أن تستباح حرمته أو أن يلغ كلب في عرضه، أو يمسه أحد بسوء،فقد جاء في الحديث الشريف أن سعد بن عبادة – رضي الله عنه – قال كلاما بين يدي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يدل على غيرته الشديدة،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”أتعجبون من غيرة سعد،لأنا أغير منه، والله أغير مني”. رواه البخاري.
وقدارتفع بها الإسلام آفاقاً عاليةً سامية، وقمماً شامخة، واستخدمها في إقامة مجتمعٍ مثالي تسوده العفة والطهارة، والنقاء،وجعله كالطود الشامخ في وجه السيول الجارفة من مظاهر الغش والخيانة وفشو الرشوة والسرقة،فإن المجتمع الذي يفقد الغيرة تتغلب عليه الأخلاق الذميمة،وتتفشى فيه المظاهر الكريهة من التسكع في الأسواق والتلصص حول الحرمات،وتزداد نسبة الجرائم الخلقية وانتهاك الحقوق الإنسانية ثم يستعد فيه الإنسان أن يضع كل شيء رهنا حتى الاعتزاز بشرف النفس والحمية الدينية، وقد وصف أستاذنا الشيخ محمد واضح رشيد الندوي – رحمه الله – الغيرة وأهمتيها في إقامة مجتمع نظيف حيث قال:
“أول ما يخسر الإنسان بغلبة النزعة المادية هي الغيرة والوقوف عند الحدود،فإذا كسب المال وخسر شرفه وانتهك الحدود اعتبر نفسه رابحا،لأن المال عنده يغسل كل عار،وقد خسر الإنسان اليوم بفقد هذه الغيرة النبيلة صلاحية الشعور بشرف النفس ورعاية الحقوق،وأصبح من طبعيته أن يقيس الربح والخسارة والشرف والكرامة بالوسال المادية والاقتصادية، ولو على حساب القيم والأخلاق والدين”.
فلابد – أيها الأخ – من الغيرة والإباء والاعتزاز بالنفس لإنشاء مجتمع فاضل بعيد عن الجرائم الخلقية،وترسيخ القيم النبيلة وصيانة الأعراض والحرمات فإن الغيرة من أغلى الثروة وأعزها في الكون.