إن الإسلام تشريع عام صالح لكل زمان ومكان، يهدف إلى خير المجموع، لم يأت للفقير وحده، كما أنه لم يأت للغني وحده، ولا يريد أن تطغى طبقة على طبقة، وإنما يريد أن يسود الصفاء والوئام والود والسلام في المجتمع، ولذلك شرع بأن لا يصبح المال محدودًا فقال: “كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ” [الحشر: 7]، ولذلك حرّم الربا، لأنه كثيرًا ما يكون سببًا في اختيار القسوة والظلم، وكثيرًا ما يكون سببًا في الأمراض النفسية والقلبية؛ فالذي خلق الأرض والسماوات أعلم بما ينفع الناس وبما يصلح شأنهم.

إن النظام الإسلامي اللاربوي الذي يعتمد على الزكاة وإعانة الضعيف والفقير؛ يحقق العدالة الاجتماعية ويضمن حب الفقير للغني، وعطف الأخير على الأول، بينما يبذر الربا بذور العداء والفساد، وبذور الشحناء والبغضاء في الطبقات وآحاد المجتمع، والتجارة وفائدتها خير بديل للربا؛ وهي تكفي لسد حاجات المجتمع، وإسعاد الحياة الإنسانية بصفة شرعية.

(أضواء على الفقه الإسلامي ومكانة الاجتهاد منه للشيخ محمد الرابع الحسني الندوي، ص: 109)