مرثيَةٌ إلى العلامة محمد الرابع الحسني الندوي

في رثاء علامة الهند وأديبها محمد الرابع الندوي
16 September, 2023
أنشودة في رثاء وتأبين أستاذي الشيخ السيد محمد الرابع الحسني الندوي
16 September, 2023
في رثاء علامة الهند وأديبها محمد الرابع الندوي
16 September, 2023
أنشودة في رثاء وتأبين أستاذي الشيخ السيد محمد الرابع الحسني الندوي
16 September, 2023

مرثيَةٌ إلى العلامة محمد الرابع الحسني الندوي

محمد المعصراني

قِفَا نَبْكِ.. إِنَّ الْحُزْنَ عَاتٍ وهَائِلُ

وفَجْعُ الرَّحِيلِ الصَّعْبِ غَاوٍ وغَائِلُ

نُحِبُّ بَنِي الدُّنْيَا ونُوقِنُ أَنَّنَا

سَنَرْحَلُ عَنْهُمْ يَوْمَ تُطْوَى الْمَراحِلُ

نَسِيرُ إِلَى آجَالِنَا وهْيَ رُصَّدٌ

وتَمْضِي بِنَا الْأَيَّامُ وهْيَ غَوَائِلُ

نَعِيشُ ونَحْيَا غَافِلِينَ عَنِ الرَّدَى

وأَسْبَابُهُ في كُلِّ رُوحٍ جَوَائِلُ

نُسَاقُ إِلَى الْقَبْرِ الْمُرَجَّى انْفِسَاحُهُ

وكُلٌّ إِلَيْهِ – لاَ مَحَالَةَ – نَازِلُ

ومِنْ عَجَبِ الْأَيَّامِ أَمْنَةُ قَاتِلٍ

هُوَ الْمَوْتُ يَحْيَا آمِنًا وهْوَ قَاتِلُ!

فَلَا تَأْمَنَنَّ الْمَوْتَ أَيَّةَ حَالَةٍ

تَكُونُ فَأَيَّامُ الْحَيَاةِ قَلَائِلُ

هُوَ الْمَوْتُ.. يَخْتَارُ الْكِرَامَ ويَصْطَفِي الشُّـ

ـمُوسَ ويَنْجُو مِنْ يَدَيْهِ الْأَسَافِلُ

وهَا هُوَ ذَا يَخْتَارُ صَفْوَ شُيُوخِنَا

هُوَ الْعَالِمُ الْفَرْدُ التَّقِيُّ الْمُنَاضِلُ

مُحَمَّدُنَا.. أَلرَّابِعُ الْحَسَنِيُّ شَيْـ

ـخُ أَشْيَاخِنَا.. هَذَا الْهُدَى الْمُتَطَاوِلُ

تَثَاقَلَتِ الْأَقْدَامُ مِنْ هَوْلِ فَقْدِهِ

وبَاتَ كَئِيبًا خَطْوُهَا الْمُتَثَاقِلُ

فكَيْفَ أُعَزِّي النَّفْسَ والْفَقْدُ فَادِحٌ؟!

وكَيْفَ أُعَزِّي النَّاسَ والثُّكْلُ هَائِلُ؟!

وفَقْدُكَ فَقْدٌ لِلْمَعالي ولِلْمُنَى

وهَلْ بَعْدَ هَذَا الْفَقْدِ تُرْجَى الْمَنَاهِلُ؟

وكَيْفَ أُعَزِّي النَّفْسَ بَعْدَكَ سَيِّدِي

وقَلْبِي بِأَحْزَانِ الْمَمَالِكِ آهِلُ؟!

وكَيْفَ نَرُدُّ الْمَوْتَ وهْوَ مُقَدَّرٌ

وقَدْ ذَاقَهُ قَبْلُ الْقُرُونُ الْأَوَائِلُ؟!

فِرَاقُكَ يَا مَوْلَايَ فُرْقَةُ أُمَّةٍ

ولَيْسَ لِأَيَّامِ الْفِرَاقِ سَوَاحِلُ

رَأَيْتُ جُمُوعَ النَّاسِ تَدْمَى قُلُوبُهُمْ

وهَلْ مِثْلُ هَذَا الرَّاحِلِ الْيَوْمَ رَاحِلُ؟

لِقَلْبِي مِنَ الْوَجْدِ الْمُمِضِّ عَوَالِمٌ

تَصَاغَرُ جِدًّا في مَدَاهَا الزَّلَازِلُ

مُحِيطٌ مِنَ الدَّمْعِ الْحَمِيمِ يُحَاصِرُ الْـ

ـحَيَاةَ وعُمْرٌ مُسْتَحِيلٌ وقَاحِلُ

تَفَرَّغْتَ لِلْعِلْمِ الشَّرِيفِ وأَهْلِهِ

ولَلْعِلْمُ شُغْلٌ لِلْمُحِبِّيهِ شَاغِلُ

وكُنْتَ لِهَذَا النَّاسِ رُكْنًا ومَوْئِلًا

فَغَالَكَ مُغْتَالُ النُّفُوسِ الْمُخَاتِلُ

وكُنْتَ لِهَذَا النَّاسِ عِزًّا ودَوْحَةً

مُبَارَكَةً تَسْعَى إِلَيْكَ الْقَوَافِلُ

وكُنْتَ أَبًا فَذًّا لِنَدْوَتِنَا الَّتِي

يَحُجُّ إِلَيْهَا الْمُصْلِحُونَ الْبَوَاسِلُ

وكُنْتَ لِطُلَّابِ الْحَقِيقَةِ مَلْجَأً

وكُنْتَ إِمَامًا والسِّنِينُ قَوَاحِلُ

وقَضَّيْتَ عُمْرًا حَافِلًا بِالْعَطَاءِ والنَّـ

ـدَى؛ تَشْهَدُ الدُّنْيَا بِهِ والْمَقَاوِلُ

دَعَوْتَ إِلَى اللهِ الْعَلِيِّ ودِينِهِ

لَكَ الْيَوْمَ في كُلِّ الْبِلَادِ سَنَابِلُ

مَتَى مَا تَقُلْ شَيْئًا مِنَ الْعِلْمِ والْحَيَا

ةِ يَسْتَأْسِرِ الْقَلْبَ الَّذِي أَنْتَ قَائِلُ

تَرَكْتَ فَرَاغًا هَائِلًا لَا يَسُدُّهُ

سِوَاكَ، فَأَيَّامِي عَلَيْكَ ثَوَاكِلُ

وكُنْتَ أَخًا لِلنُّبْلِ والْفَضْلِ والنُّهَى

وتَقْصُرُ جِدًّا في ذُرَاكَ الْفَضَائِلُ

ووَجْهُكَ كَانَ النُّبْلُ في قَسَمَاتِهِ

وكَمْ يَأْسِرُ النَّاسَ الَّذِي أَنْتَ فَاعِلُ

مَلَأْتَ قُلُوبَ الْمُسْلِمِينَ مَحَبَّةً

ولِلْحُبِّ عِنْدَ الْمُخْلِصِينَ دَلَائِلُ

جُمُوعٌ مِنَ الْحُبِّ النَّبِيلِ تَدَفَّقَتْ

إِلَيْكَ وحُبُّ النَّاسِ هَادٍ وهَادِلُ

لَقَدْ فُضِّلَتْ يَا سَيِّدِي بِكَ بَلْدَةٌ

إِلَيْهَا انْتَمَى الْعِلْمُ الَّذِي لَا يُطَاوَلُ

لَكَ اللهُ أَوَّابًا، لَكَ اللهُ قَانِتًا

لَكَ اللهُ أَوَّاهًا، فَأَنَّى تُمَاثَلُ؟!

رَحَلْتَ فَآفَاقُ الْوُجُودِ كَئِيبَةٌ

وكُلُّ أَمَانِينَا جَدِيبٌ ومَاحِلُ

تَرَكْتَ رُبُوعَ الْهِنْدِ تَذْوِي غُصُونُهَا

ومِلْءُ حَنَايَاهَا أَسًى مُتَوَاصِلُ

لَقَدْ سَنَّ لِي قَلْبِي بُكَاءَ أَحِبَّتِي

وهَذِي دُمُوعِي حُضَّرٌ ومَوَاثِلُ

يَهُونُ عَلَيْنَا الْمَوْتُ لَوْ كَانَ مَيِّتٌ

مِنَ النَّاسِ مَجْهُولٌ لَدَيْنَا وجَاهِلُ

فَكَيْفَ وأَنْتَ النَّاسُ جَمْعًا وجَامِعًا

وأَنْتَ لِكُلِّ الْعَالَمِينَ مُوَاصِلُ؟

وأَنْتَ وَلِيُّ الْأَوْلِيَاءِ وشَمْسُهُمْ

وخَيْرُهُمُ الْمُسْتَرْسِلُ الْمُتَكَامِلُ

فَبُشْرَى لِقَبْرٍ أَنْتَ فِيهِ مُجَاوِرٌ

وأَعْمَالُكَ الْجُلَّى لَدَيْكَ حَوَافِلُ

إِلَى جَنَّةِ الْفِرْدَوْسِ عُدْ مُطْمَئِنَّةً

إِلَى اللهِ نَفْسُكَ النَّسِيمُ الْمُشَاغِلُ

ورَاضِيَةً مَرْضِيَّةً نَفْسُكَ الَّتِي

تَحِنُّ إِلَيْهَا في الْجِنَانِ الْجَدَاوِلُ

وإِنَّا إِلَى اللهِ الْكَرِيمِ لَرَاجِعُو

نَ واللهُ كَمْ طَابَتْ لَدَيْهِ الْمَنَازِلُ

فَيَا رَبَّنَا اقْبَلْ صَبْرَنَا واحْتِسَابَنَا

وهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا مَا نُحَاوِلُ