منعاك مناعي يا عم جعفر!
16 سبتمبر, 2023فقدت بفقده……….
16 سبتمبر, 2023دوحة فكرة شيخنا الفقيد لم تزل تتشعب مثمرة وزهرة مجهوداته العلمية لم تزل تزهو متفتحة
محمد نضر الإسلام
مدرسة ضياء العلوم، رائي بريلي
فقدنا ظهر 21 من شهر رمضان سنه أربع وأربعين وأربعمائة علما بارزا من أعلام الأدب العربي، ومفكرا عملاقا في شبه القارة الهندية ونجما متألقا في سماء العلم والأدب ودوحة فكرية ناضرة الأغصان، زاهية الألوان، لا مقطوعة ولا ممنوعة، فلبست ندوة العلماء لباس الحداد والرثاء وذرفت دموع الوداع علي أديبها ومفكرها ومؤرخها وشمس علمائها ورئيس أساتذتها وصانع صيتها العلامة الشيخ محمد الرابع الحسني الندوي رحمه الله رحمة واسعة وأجزل مثوبته واسكنه فسيح الفردوس ورفع درجاته وألحقنا به في دار كرامته في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقدر…
كان موته فاجعة ويا لها من فاجعة عمت المسلمين على اختلاف طبقاتهم وتنوع مذاهبهم وانتمائهم الى الملل والنحل وبُعد أقطارهم في مشارق الأرض ومغاربها وأن موته ثلم الأوساط العلمية والحلقات الأدبية ثلمة لا ترتق وتحولت الأفراح الى مآتم في الملة الإسلامية الهندية…
لقد كان شيخنا الفقيد للإسلام والمسلمين ركنا شديدا وللأمة الهندية سندا قويا وللدين والعربية حارسا أمينا، نسيج وحده، فريد عصره، مرجع الأنام في مشاكلهم وموئل العلماء في مهامهم.
ولد الشيخ في أسرة كريمة عريقة معروفة بالعلم والعلماء والإصلاح والتجديد والدعوة والإرشاد وتصلبها في العقيدة الصافية وتجنبها من البدع والشوائب، وقيامها بنشر رسالة الربيع في موسم الخريف والدور القيادي في الهند، والشان الريادي في قضايا الساعة للمسلمين في الهند مهما كانت الظروف والعواصف هوجاء.
انتمي إلى الإمام أبي الحسن علي الندوي بوصفه إبن اخت له وقد تربى تحت رعايته بالغا معه السعي متغذيا بأفكاره الإسلامية مغترفا بآرائه الرائعة رائيا غليله بخبرته الواسعة شافيا عليله بتجاربه الناضجة ناهلا من منهله الصافي الزلال ومتلقيا منه العلوم العربية والشرعية حتى التحق بجامعة ندوة العلماء لكناؤ وتخرج فيها باحثا دقيقا عالما أنموذجيا مفكرا ألمعيا أديبا عبقريا داعيا مقبلا على الدعوة الى الله تعالى صارفا نفسه عن الوشائج الدنيوية.
بعد تلبية الشيخ ابي الحسن علي الندوي نداء الاجل الى رفيقه الأعلى أختير خلفا له في رئاسة ندوة العلماء الى أن وافاه الأجل المحتوم.
ازدهرت ندوة العلماء برئاسته وبلغت أوجها ولم تزل تشق أماها الطريق..
مما أتشرف به وأعتز أنني لقيته عن كثب لا عن كتب وزرته مرارا وتكرارا بينما ذهبت لزيارته مرة واتخذت مكانا بجانب سريره وهو يقول يا إبناي(ومعي زميل لي إسمه مسيح الزمان) هناك ضربان من العلم أحدهما ما له من فوائد ومعنى والثاني يرجع إليه المعنى والفوائد فضعوا هذا النوع من العلم نصب العين وابذلوا في سبيله من النفس والنفيس والغالي والرخيص.
يا من ألقى على ندوة العلماء دررا لا تفنى، ودبّجها بكلمات لا تنتهي، وعلّمها ما عجز غيرك عن أن يأتي بمثله في الأدب العربي والموقف الصارم من قضايا الأمة المعاصرة.