سرّ هذه الآية إلى يوم الدين!
5 مارس, 2023بين العلم والعقل في حياة الإنسان!
14 مايو, 2023من وحي الصيام
سعيد الأعظمي الندوي
جمع الله سبحانه في هذا الشهر العظيم، شهر الصيام، من المعاني الإنسانية الكريمة، ما لو تأملنا فيه قليلاً، لاعترفنا بعبقرية الإسلام وكونه رسالة الحياة الإنسانية الخالدة، لو تأملنا فيما يعود على المسلمين منذ إهلال هذا الشهر من واجبات وأعمال في ليله ونهاره، ورأينا كيف يرتب برنامجًا خاصًا للصائم من الصباح إلى المساء، ومن المساء إلى الصباح، لو فكرنا في كل ذلك، لزدنا إيمانًا على إيمان بأن الإسلام حاجة البشرية في كل زمان ومكان، وهو رسالة السماء التي لا يستغني عنها أهل الأرض في أي حال من الأحوال.
وليس الصيام وحده الذي يستوحي منه المسلمون هذه الروح الإيمانية، بل كل عبادة وكل تشريع للإسلام يمنح مثل هذه الدرس، ويملأ القلوب إيمانًا، غير أن في الصيام بعض مظاهر مرئية، إذ هو يختص بما لا تختص به جميع العبادات، فقد يرى الصائم أنه حرم عليه رزقًا طيبًا ولذة، كان يحظى بها طوال السنة، فيضطر إلى التفكير في ذلك، وكلما يزيد تفكيره وتتوسع نظرته في البحث عن سببه، تتجلى عليه حكمة الله سبحانه وتعالى في فرضه الصيام على المسلمين كل سنة.
ولكن الذي يصوم ولا يفكر في أن صومه رمز لامتثال ما أمره الله به وهو يجلب له رضاه ويقرّبه إلى رحمته، فالذي لا يتأمل في هذا المعنى وإنما يجوع كما يرى الناس يجوعون، ويعطش كما يراهم يعطشون، فيقلدهم تقليدًا، فإنه لا يقدر أن يدرك من الصوم إلا الجوع والعطش، ولا يستطيع أن يعمل عملاً سوى التقليد الأعمى.
وكم من الناس من يصومون دون أن يفكروا في أنهم صائمون، فيعيشون في رمضان أيضًا عيشتهم في الأيام العادية، ولا يتجنبون مما يخرق حرمة الصوم، ويذهب بجميع ما فيه من الخيرات والبركات والرحمات، فأولئك هم يحرمون فوائد رمضان ويخسرون ثوابًا لا يعدله شيء.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد الاهتمام برمضان لنفسه ولأهله جميعًا، فكان إذا دخل العشر أحيا ليله، وأيقظ أهله، وشد مئزره، فما لنا نحن المسلمين لا نعير هذا الشهر العظيم من الاهتمام والرعاية كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يجب أن لا ننسى أن الصيام يشحن القلوب بإيمان قوي، وينضرها ويبعثها على كل عمل إيجابي بناء، بينما الغفلة عنه تهدم كيانها، تكثف صدأها، والقلوب تصدأ كما يصدأ الحديد، والقلب الصدئ كالحديدالصدئ لا يصلح لشيء.