ليس الجمال وحده ما يزيننا
5 أكتوبر, 2021خاطرة رمضانية
سعد مبين الحق
ها هو السحاب ينقشع، والغيم ينجاب ويتكشف، والسماء تتبسم عن غرة الهلال كأنما هو قوس النصر أو رمز النور المبين، إنه هلال رمضان، هلال خير ورشد، وها هو ذا شهر رمضان العظيم يطل بوجهه المشرق المنير، شهر الأمة، وشهر الصوم، وشهر القرآن الكريم، وشهر المعاني السامية التي تفيض على قلوب من عرفوا حقيقة رمضان المبارك، واتصلوا بالملأ الأعلى فيه، وسمت أرواحهم إلى مرتبة الفهم عن الله، فتستيقظ مع هذا الشهر قلوب، وتنتبه مشاعر، ويهتف في قلب كل مسلم صوت من أصوات الحق سبحانه وتعالى: “يا باغي الشر أقصر ويا باغي الخير هلم”.
فإذا بها تتهيأ الأمة القرآنية لبناء ركن من أركان الإيمان، مستجيبة لنداء الحق تبارك وتعالى : “فمن شهد منكم الشهر فليصمه”.
والصوم عبادة من العبادات التي ندب الحق إليها عباده، وهو ركن من أركان الإسلام الخمسة التي لا يتم إلا بها، ولا يكتمل إلا معها، ولها من فوائد روحية، ونفسية، وبدنية، واجتماعية، فهي صفاء للروح، وتهذيب للنفس، وتقوية للإرادة، ومضاء للعزيمة، ومقاومة للشهوات، واعتياد على الصبر والحلم، وراحة البدن، ولون جديد من الحياة.
وقد أشار إلى ذلك العلامة ابن القيم رحمه الله بقوله: “المقصود من الصيام حبس النفس عن الشهوات، وفطامها عن المألوفات، وتعديل قوتها الشهوانية لتستعد لما فيه غاية سعادتها ونعيمها… ويذكّرها بما في الأكباد الجائعة من المساكين، وتضيق مجاري الشيطان من العبد بتضييق مجاري الطعام والشراب…. فهو لجام المتقين، وجنة المحاربين، ورياضة الأبرار المقرّبين.”
وذلك فضلا عن مثوبة الله للصائمين، وما وعدهم من جزيل الأجر، وعظيم الثواب، وحسن القبول، وشمول المغفرة، ومضاعفة الحسنات : “وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون”.
كما ننظر أن عدد الصائمين عدد ضخم لا يقل عن الملايين لا يمنعهم الحر الشديد في الأقاليم الحارة من أن يصوموا في النهار ويقوموا في الليل، لأنهم سمعوا عن النبي صلى الله عليه وسلم : “كل عمل ابن ادم يضاعف، والحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائه ضعف”، “للصائم فرحتان فرحة عند فطوره وفرحة عند لقاء ربه”، “وخلوف فيه أطيب عند الله من ريح المسك”، “في الجنة باب يدعى الريان، يدعى له الصائمون، فمن كان من الصائمين دخله، فمن دخله لم يظمأ أبدا”، وقال رسولنا العظيم صلى الله عليه وسلم: “من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه” وفي الحديث القدسي : “قال الله تعالى إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به يدع شهوته وطعامه من أجلي”.