تُبْذَل جهود في كل مكان لتحقيق الأهداف الإسلامية

شمول الدين الإسلامي
21 مارس, 2020
شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ
9 يونيو, 2020

تُبْذَل جهود في كل مكان لتحقيق الأهداف الإسلامية

تُبْذَل جهود في كل مكان لتحقيق الأهداف الإسلامية، وتقوم الحركات، وتقدم من أجلها التضحيات، وفي إنجاز هذا العمل يُستخدم أيضاً عنصر الشباب؛ بل كثيرًا ما يكون الشباب في مقدمة كثير من الحركات القومية والملية، وخاصة في القيام بالتضحيات، واحتمال المشاكل والمعاناة، ومواجهة القوى المعارضة والمعادية بعزم وجرأة، ولاشكَّ أن عنصر الشباب قوة كبيرة، وهو مصدر دعم وصمود لكل شعب ودين، ورصيد قوة وثبات، وحماسته وفتوته عامل كبير في إحراز الأهداف والأغراض، وهي حقيقة ولها أمثلة في الماضي أكثر منها في الحاضر، لأجل ذلك تحاول كل حركة في كل مكان استخدام هذه القوة واتخاذها كوسيلة وأداة، وتختار طريقًا لاستمالة الشباب وكسبهم وإثارتهم وتحميسهم، ثم يستفاد من قوتهم وفتوتهم، ولكن هذه السياسة تحمل بجانب نفعها مخاطر كذلك، فتحتاج إلى دقة وحذر، واهتمام ورعاية ليُستخدم الشباب استخدامًا صالحًا وبصورة نافعة، فإن العناصر المعادية والمفسدة تحاول استخدام الشباب، كما يستخدمهم أصحاب الخير والأهداف النبيلة، وكل منهم يستفيد من الشباب حسب حاجتهم، قليلاً كان أو كثيراً، وتوجد في ذلك نماذج تبعث على الغبطة والسرور،كما تشاهد أمثلة تبعث على القلق.

فلذلك يجب مراعاة قوة الشباب ومؤهلاتهم كل الرعاية، واستخدام هذه القوة في مواضع تجلب المصالح الشعبية والاجتماعية والدينية،وتعين على البناء والتعمير غير الإفساد والتخريب.

وهذه هي مسئولية قادة الأمة الإسلامية بأن يفكروا ويهتموا بتوجيه الشباب وسيرهم وتنظيم قوتهم وعمليتهم، وقد أصيبت الأمة الإسلامية بالوهن والاضطراب منذ مدة،وتعرضت للتشتت وفتور الهمة،وذهبت عنها قوة العمل، إنها إذا استعرضت تاريخها ظهرت أمامها حدائق الأماني والأعمال، ولكن هذه الحدائق ببهجتها ومنظرها الأنيق، هي حدائق العهد الماضي، وعلينا أن نغرس الأشجار والحدائق بأيدينا لمستقبلنا.

فإن الاعتماد على الماضي كالسراب يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً فوفاه حسابه، ولاشك تحتاج أمتنا أشد احتياج إلى قوة الشباب كالأمم الأخرى، ولعل حاجتها إلى قوة الشباب أكثر من غيرها،ولكن هذه المسئولية تعود إلى قادة الأمة أن يوجهوا قوى الملة إلى جهة سليمة صحيحة، وأن يصونوا الأمة من وقوعها في المخاطر.

ولكن الفتنة الكبرى في عصرنا هي اضطراب الملة الإسلامية وفقدان الهدف، والطمع والنهامة في القيادة لكل حاف ومتنعل، وقد وصلت نهامة القيادة والزعامة في الملة الإسلامية إلى حد المرض والعدوى، وقد اختارت هذه النهامة صورة مهنة أيضاً، وإن المحترفين بالقيادة والزعامة – وإن كانوا مجردين عن صفات السيادة والقيادة وميزات السيرة – يخوضون فيها ويتصورون بكل حرص وحماس.

فأكبر حاجة في هذا الوقت للأمة الإسلامية أن تحترز عن التشتت والتفرق، وعن الرياء والمظاهر الخلابة، وإظهار قوة بدون غرض، وأن تحاول فهم أهم الفتن وتداركها، وفهم التحديات والقضايا المعاصرة ومعالجتها بكل جهد ويقظة، وبإخلاص نية، وتخطيط محكم، وتحتاج هذه الأمة أشد احتياج إلى الوحدة والاتزان، واتخاذ طرق الحكمة والحذر والوعي، كي تصبح قوية أمام أي عدو كما وصف القرآن في هذه الآية الكريمة “كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ”.

(محمد الرابع الحسني الندوي)

×