الإنسان مشتملاً على احتياجاته في حياته الدنيا

أمة الهداية والدعوة
21 أكتوبر, 2020
الجماهير المسلمة خير الجماهير في كل مكان
9 يناير, 2021

الإنسان مشتملاً على احتياجاته في حياته الدنيا

لقد خلق الله تعالى الإنسان مشتملاً على احتياجاته في حياته الدنيا،يحتاج إليها في أحوال حياته المختلفة،ويستفيد بها حسب حاجته الجسدية والعقلية في حياته، ولكن الله تعالى خلق مع ذلك في نفسه شعوراً بأنه ضعيف لا يبلغ إلى كل ما يحتاج  إليه، فهو في حاجة إلى من هو أكبر منه وأقوى، ليستعين به فيما لا يتغلب عليه من مطالب حياته، وذلك هو الذي يظهر في طلبه لهذه القوة، ويسميها بـ”الإله”، ولكنه قد يتغافل عن تسديد اختياره الإله الأفضل، فيضلّ ويخسر في ذلك خسراناً لقلة فهمه، ويختار لذلك ما لا يناسبه أو يوافق فهمه، فيقع في اضطراب الرأي، فهو يحتاج إلى من يدله على هذا وهو الله خالق الكون وربُّه ” هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ، هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ” (الحشر:22-24).

وقد قرر الله تعالى لتصحيح مسيرة الإنسان في هذا المجال أناساً يقومون بهداية الناس في هذه الناحية، وهم الأنبياء، بعثهم الله تعالى في أزمان مختلفة وجعل في خلقتهم صفات إنسانية في أعلى درجتها، وقد وقع ذلك في حياة الإنسان منذ بدئه كلما انحرف عن جادة الحق، وبعث آخر هؤلاء الأنبياء وأكملهم خلقة محمد بن عبد الله القرشي صلى الله عليه وسلم، وأمر بطاعته وحبه كذلك، فالمؤمنون بهذا الأمر يحبونه أكثر مما يحبون غيره من البشر سواء كان والدهم ووالدتهم أو ولدهم، فالمؤمن يحب رسول الله محمداً صلى الله عليه وسلم هذا الحب الفريد،ولن يقبل أبداً أن يسيء إليه أحد من الناس، فالمؤمن يضحي بحياته إذا رأى تحقيراً أو شتماً لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم.

فالذي وقع أخيراً في فرنسا من إساءة إلى رسولنا العظيم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وخرق لكرامته، أوجد غضباً وغيرة في المسلمين جميعاً، وقامت احتجاجات عارمة ومظاهرات حاشدة، وظهرت ردود فعل عنيفة من المسلمين في العالم، وذلك موافق لما فيهم من غيرة وحمية لإمام دينهم وأمتهم هذا.

وليس حلٌّ لذلك إلا أن يعترف المجرم بجريمته ويتوب عنها، ويعتذر عن خطئه اعتذارًا واضحًا، فالمسلمون غيارى لما يتصل بدينهم وبرسولهم صلى الله عليه وسلم وملتزمون بتوحيد ربهم وإلههم الله تعالى، ولا يشركون به أحدًا، ولا يرضون بأدنى إساءة إلى عقيدتهم أو لرسولهم أو لمقدساتهم، سواء في ذلك بلاد الهند أو غيرها من أقطار العالم التي يسكنها المسلمون محافظين على شريعتهم،محتفظين بعقيدتهم ودينهم، وصحيفتنا “الرائد” مشاركة في هذا الأمر مع المسلمين جميعًا،وقد أعلنت عن هذا الرأي ببيان نشرته الصحافة العامة في الهند ووسائل التواصل الاجتماعي، جاء فيه:.

” إن نشر الرسوم المسيئة إلى ذات الرسول صلى الله عليه وسلم في فرنسا أخيرًا يبعث على الأسف الشديد، لا يمكن أي مسلم – مهما كان انتماؤه- أن يحتمل أدنى سوء أدب إلى نبيه العظيم فضلاً عن الوقاحة والإهانة إليه،وذاك أنه يعتبر نبيه أعزَّ وأغلى من نفسه، وأحبَّ إليه من والديه وولده،والذي لم يتصف بهذه الصفة، فلن يكتمل إيمانه، والمؤمن لا يتردد في بذل كل ما يملكه من نفس ونفيس في الاحتفاظ بتراث هذا الحب والوفاء والولاء لنبيه، وهو يعده أغلى من نفسه، وهو مستعدٌّ للتضحية -مهما كان نوعها- في سبيل الحفاظ على هذا التراث الغالي للحب النبوي والعشق النبوي، ويعتبرها سبب الافتخار والاعتزاز، وسبب الفلاح والفوز والنجاة في الدينا والآخرة.

وإن هذه الإساءات المتكررة إلى ذات الرسول صلى الله عليه لا تضره شيئاً، إلا أنها تضيف إلى وصمات عار في وجوه أهلها المشوهة، وإن نشر الرسوم الكاريكاتورية في دانمارك وهولندة في الماضي،وفي فرنسا وإصرار رئيسها على إعادة نشرها أخيرًا، إنما يدل دلالة واضحة على إفلاس هؤلاء الناس عقلاً وخلقًا، فمن هنالك يجب على المجتمع الدولي وخاصة هيئة الأمم المتحدة أن تنتبه لهذا العمل المسيئ، وتتخذ إجراءً صارمًا ضد ما يقع من إهانة ووقاحة باسم حرية التعبير عن الرأي، وتضع حدًّا لهذا العمل الشنيع بتجريمه.

وكذلك تعود المسئولية إلى أهل العلم والمعرفة من المسلمين -وهي لا تقل أهمية عن الجانب العملي للدعوة-أن يعرضوا السيرة النبوية، والتاريخ الإسلامي، وأهمية النظام الإسلامي للحياة،والحياة المشرقة للرسول رحمة للعالمين –صلى الله عليه وسلم- بأسلوب علمي وفكري معاصر، ويعرضوا السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي مراعين لطبيعة المخاطب وبيئته، وذلك هو الطريق لتغيير التفكير المنحرف، وترشيده، وذلك هو واجب إسلامي في الأوضاع الراهنة وقد حان الأوان للتوجه إلى هذا الجانب”.

(محمد الرابع الحسني الندوي)

×