أحسن القصص

ابتلاء المؤمن منحة من الله
23 يونيو, 2024
حاجة تنمية بذور الخير في القلوب
7 أغسطس, 2024

أحسن القصص

محمد خالد الباندوي الندوي

أخي العزيز!

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لقد درست – أيها الأخ – قصة يوسف عليه السلام المذكورة في القرآن، فهل تعرف لم سمى الله سبحانه “أحسن القصص” ؟ وما هي السمات الأدبية والبيانية التي تشتمل عليها القصة، وهي التي تتقاضى أن تدخل في ضمن القصص الرائعة؟ وما هي القضايا والحوادث التي تجعلها شامة بين قصص الغابرين وحكايات الماضين؟ وما هي المعاني والأهداف  في القصة حتى أفرد لها القرآن سورة مستقلة؟ وما هي العبر الدروس التي نستطيع أن نتلقاها من دراستها.

فسبب تسمية “قصة يوسف” عليه السلام أحسن القصص –أيها الأخ– هو  في الواقع أنها تحدثنا عن تفصيل ما وقع ليوسف في أسلوب سهل بليغ، ويرويها القرآن بترتيب ونسق بديع، ويصور لنا فيها القضايا الاجتماعية الكثيرة التي لا يخلوعنها أي مجتمع من المجتمعات البشرية، وتمهد السبيل إلى فهم طبيعة الحياة وأفكار الناس ومطامحهم، وتقدم القصة سيدنا يوسف كمثال جامع اصطلى بنار الحياة وغاص في خضم المشاعر المعادية،فذاق حلوها ومرها، وحلب الدهور أشطرها،حتى شقّ لنفسه– بإذن من ربه –طريقا إلى السعادة في الحياة والفلاح في الآخرة.

وإن قصة يوسف – أيها الأخ – “أحسن القصص” لأنها تحوطنا بالخبر الصادق والبيان الشامل الذي يسحر النفوس ويأخذ بمجامع القلوب، ويمتلك الوجدان ويأخذ باللب دون القشور، وإنها القصة التي تجمع بين أحداث ووقائع مختلفة الألوان ومشاعر ذات فاعلية تتركز عليه عناية الإنسان، “كما تحمع بين الرحمة والحنان الإلهي الذي يرعى بعبده المظلوم، والقدرة الربانية التي تأخذ بيد الطريد المهظوم، فتخرج من هوة الذل والشقاوة إلى عرش العز والقيادة، وتخضع روح الحسد والنقمة وعاطفة الحقد والبغض أمام التقوى والصبر فتجعل من الشقاء والذل عزا وسيادة، ومن غيابة الجب والسجن عرشا وبلاطا، ومن العبودية والرق حكومة وقيادة”.( ( مجلة الرائد: ستمبر1974).

.عرفنا من خلال قصة سيدنا يوسف عليه السلام أن الصبر على صروف الحياة وشدائدها تصقل مواهب الإنسان، والرضى بتقدير الله تجلب إليه الخير، وتقوى الله في السر والعلن تجعله محبوبا بين الأنام، وإنها تقرب الأقارب والأباعد، وتزيل المكايد والمزالق فاجعل قصة يوسف – أيها الأخ – إذا واجهت الشدائد من الأصدقاء والأقارب، واصبر على أذاهم ولاطفهم ملاطفة الكريم من الأبرار، وصاحبهم مصاحبة السمح من الرجال، فإن العفو طريق التوصل إلى القلوب و زرع المحبة في حقول النفوس، ثم الإنعام  والتفضل على الناس يثمر كما تثمر الأشجار.

فحياة سيدنا يوسف تقدم لك – أيها الأخ – درسا في الحياة مشرقا ورمزا للسعادة لامعا أن الإنسان ربما يصيب بنكبات من الزمان، ويتأذى بصروف من الدهر، لأن القدر يريد أن ينعم عليه،ويرفع قدره،ويعلى مكانته،فإذا واجهت مثل تلك الشدائد فاصبر كما صبر يوسف، واسلك سبيل العفو والصفح إذا تمكنت من الظفر بمن اعتدى عليك، وأكرم من عاداك إذا قدرت على الانتصار منهم، ولا تيئس من رحمة الله مهما اشتد الزمان،ومهما تفاقم الخطر،وكن على يقين بأن الله ناصرك، وبيده مقاليد الأمور، وهولايخذل من اتقى وصبر واستقام على فطرة الإيمان، وثبت في الامتحان. إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين.

×