كيف نرفع مكانةا لإنسان (2)
17 يوليو, 2022ماذا يعني قول الله سبحانه وتعالى “كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ” (الحلقة الثانية)
21 أغسطس, 2022ماذا يعني قول الله سبحانه وتعالى “كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ”
سعيد الأعظمي الندوي
كانت بعثة رسولنا العظيم في الزمن الأخير الذي ارتضاه الله سبحانه من جميع النواحي الإنسانية ومن خلال النضج العقلي والعلمي والفكري، وأصبح الإنسان جديرًا بقيادة الحياة والكون والعالم، ومن ثم كانت بعثة رسولنا العظيم صلى الله عليه وسلم نموذجًا كاملاً للحياة السعيدة التي جاء بها الإسلام وعلمها المسلمين الذين يمثلون مناهج الإسلام في جميع ما تحتاج إليه أمة الله الأخيرة التي بعثها الله تبارك وتعالى لقيادة العالم كله، فقال في كتابه العظيم: “كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ” [آل عمران:110].
ومن الظاهر المعلوم أن الأمم التي سبقت بعثة الإسلام وقيادة النبي صلى الله عليه وسلم، كانت ينقصها شيء كثير من العز والجمال والحسن والكمال، وكانت تترقب قيادة إنسانية صالحة تُشرف عليها في جميع الشئون والأحوال الصغيرة منها والكبيرة ذات الشأن التاريخي الذي يمثل الحاكم الأعلى ونبيه الذي ختم به بعثة الأنبياء، وأعلن أنه خاتم الأنبياء والرسل الذين سبقت بعثتهم في الأزمان المنصرمة، وشغلهم الله تعالى بإصلاح فئة أو جماعة، ولكن رسولنا العظيم لم يكن إلا رسول العالم الدائم القائم إلى يوم الدين، وكانت رسالته التي بُعث بها ذات دستور دائم إلى بقاء العالم، وما فيه من خلائق وشئون سماوية وأوامر ربانية دائمة دون أيّ تغيير أو نقص وزيادة، وهي تعالج جميع مشكلات العالم المادي والمعنوي في كل زمان ومكان، وفي جميع الظروف والأحوال، يقول الله تعالى “يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ” [الحجرات:13-14].
الواقع الذي نعيشه اليوم يُشبه بما جاء في قوله تعالى المذكور: “قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا” [الحجرات:14] وهو يدل دلالة واضحة على أن الإيمان بالله ورسوله وكتابه وشريعته لا يتكامل إلا بالإسلام الذي جعله الله سبحانه طريقًا دائمًا نحو الدخول في ساحة الإيمان الواسعة، ولا يتمثل ذلك الإيمان، الخالص من جميع شوائب الشرك والكفر إلا إذا كان مركزه سويداء القلب المؤمن، وبذلك يمثّل مصداقية قول الله تعالى “إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ” [الحجرات:15] ولا يخفى على الله شيء مما يعيش في صدور الناس وقلوبهم من آراء وأسرار،وهو عليم بذات الصدور. (وللمقال بقية)