السبب الحقيقي وراء كل فساد في العالم

لا يتغير الوضع حتى يغيِّروا ما بأنفسهم
24 ديسمبر, 2024

السبب الحقيقي وراء كل فساد في العالم

جعفر مسعود الحسني الندوي

صدق من قال: إن واقع المسلمين يصد غيرهم عن الدخول في الإسلام، لو كان الإسلام مطبَّقًا في حياتهم ومنفَّذًا في مجتمعاتهم ومعمولاً به في سلوكهم وتصرُّفاتهم لما تشوَّهت صورة الإسلام كما تشوهت اليوم، ولما توفَّرت للإعلام المعادي للإسلام والحاقد عليه فرصٌ للتطاول عليه والنيل منه واتهامه بأنه وراء كل فتنة، ووراء كل فساد، ووراء كل عنف، ووراء كل تمرُّد، نحن المسلمين الذين نقف في وجه المقبلين على الإسلام، والراغبين فيه، والمتجهين إليه بالقراءة عنه والتعرُّف عليه.

لو كان المسلمون مُمَثِّلِين بتعاليم الإسلام، ولو كانوا يسيرون على المنهج الذي منحه رسولهم، لو كانوا على النحو الذي ينبغي أن يكونوا عليه، ولو كانوا ممثلين حقًا بحقائق الإسلام ومناهجه وآرائه وسلوكه، لدخلت أوروبا كلها في الإسلام.

إن أوروبا اليوم وصلت رغم رقيِّها المادي، ورقيِّها الصناعي، ورقيِّها العلمي، ورغم تقدُّمها في الإبداع والإنتاج والاكتشاف والاختراع، وصناعة الأسلحة بكل أنواعها، وتوفير أدوات الراحة بكل أشكالها إلى درجة من الحيرة والضياع جعلتها تبحث عن طريق الخلاص من كل ما يعانيه من الضيق والكآبة والقلق.

إن هذا الواقع الذي نعيشه اليوم، يجعل المعارضين يقولون إنه لم يعد للإسلام رسالة يقدمها إلى البشرية، ولا يستطيع أن يساير ركب الحضارة، ولا يستطيع أن يسدَّ مقتضيات العصر ومتطلباته.

يقولون: كانت له رسالة في الماضي، لكن البشرية تجاوزت اليوم عن المدى الذي يستمع فيه لهذه الرسالة ويعمل بها، وأصبحت هذه الرسالة اليوم تاريخية ورجعية، ولم يعد للإسلام ما يقدمه للبشرية الآن ولا بعد الآن، ويساعد الجهلة بالإسلام فيما يزعمونه واقع المسلمين.

إن الدول الإسلامية وما تنشب فيها من الحروب الأهلية، والصراعات الداخلية، والصدامات بين الطوائف المختلفة المنتمية إلى الإسلام، والخلافات الدامية بين الحركات والمنظمات الداعية إلى الإسلام والاشتباكات بين أجهزة الأمن وعامة الناس، وتمرد الشعوب على الحكومات، واستخدام رجال الحكم أنواعًا مختلفة من العنف والتعذيب لقمع من يطالبون بحقوقهم بطريقة سلمية، وما يؤدي كل ذلك إليه من الدمار والتشريد وإراقة الدماء وسلسلة من الاعتقالات والإعدامات والثورات والانقلابات وإسقاط الأنظمة وحالة عدم الاستقرار، والغلاء الفاحش والفقر والبطالة، فيتهم الإسلام بكل ذلك ويقال إن الإسلام هو السبب الوحيد لمثل هذا الوضع الذي يمر به العالم الإسلامي بينما الحقيقة تقول إن ابتعاد المسلمين عن الإسلام، وسيطرة القوى الكبرى المعادية للإسلام على العالم الإسلامي، ومؤامراتها وخططها لخلق حالة عدم الاستقرار، وإفشال الحكومات، وإثارة الفوضى، وإشعال النيران التي تحرق كل رطب ويابس لعملائها الأوفياء والخونة الذين يستعملونهم لتحقيق أهدافها والاستيلاء على أماكن حساسة،يؤدي كل ذلك إلى ما يعانيه العالم اليوم من عدم الاستقرار، والهلاك والدمار، ومن الضيق والكآبة والقلق.

×