التكامل بين الترجمة الآلية والتحرير البشري: أداة فعّالة لترجمة عالية الجودة في العصر الحديث

الهند تودع مانموهان سينغ بجنازة رسمية
3 فبراير, 2025
اعتراف “كيرستارمر” عضو مجلس العموم البريطاني
3 فبراير, 2025

التكامل بين الترجمة الآلية والتحرير البشري: أداة فعّالة لترجمة عالية الجودة في العصر الحديث

د. فهيم أحمد

مع التقدم المتسارع في التكنولوجيا الحديثة، ازدادت الأساليب المتاحة للمترجمين لإتمام عمليات الترجمة بدقة وكفاءة أعلى، وبرزت الترجمة الآلية كأحد الحلول الأكثر رواجاً واستخداماً. تعد الترجمة الآلية اليوم أداة قيمة في قطاع الترجمة، إذ تقوم بترجمة الكلمات أو النصوص من لغة إلى أخرى بمساعدة تقنيات الذكاء الاصطناعي، مما يسهل عمل المترجم. ومع تطور الترجمة الآلية، بدأت الشركات والمترجمون في دمجها في العديد من المهام الترجمية لتسريع سير العمل وخفض التكاليف.

الترجمة الآلية، التي يتم تنفيذها باستخدام أدوات مثل Google Translate وMicrosoft Translator وReverso Translate وAmazon Translate، توفر مزايا عديدة للمترجمين المحترفين والأفراد والشركات على حد سواء. ويمكن الوصول إلى هذه الأدوات إما كبرامج مستقلة أو كميزات مدمجة ضمن منصات الترجمة وأدوات الترجمة بمساعدة الحاسوب (CAT Tools)، مما يتيح للمستخدمين سرعة وسهولة في ترجمة النصوص وإتمام المشاريع الكبرى بوقت أقل.

بفضل الترجمة الآلية، أصبح بالإمكان توفير ترجمات سريعة للنصوص الكبيرة أو للمحتوى الأقل دقة، حيث تساعد المترجمين على تجاوز عمليات الترجمة التقليدية اليدوية. ويتمكن المترجم بفضل هذه التقنيات من الحصول على ترجمة أولية للنص في غضون ثوانٍ، مما يسهل عليه تصحيح النصوص وتنقيحها عند الحاجة. غير أن الاعتماد الكامل على الترجمة الآلية قد لا يكون مناسباً للمحتوى الحساس أو الدقيق، إذ تفتقر هذه الأدوات إلى القدرة على فهم الفروقات الثقافية واللغوية الدقيقة والسياق الاجتماعي، مما قد يؤدي إلى إنتاج نصوص غير منسجمة تماماً مع طبيعة اللغة أو الثقافة المستهدفة.

وفي ضوء هذه التحديات، تم تطوير عملية جديدة تدعى MTPE (التحرير ما بعد الترجمة الآلية) والتي تهدف إلى تعزيز دقة الترجمة الآلية عبر التدخل البشري. وتعمل هذه العملية على تحسين الجودة النهائية للنصوص التي تمت ترجمتها آلياً من خلال مراجعتها وتحريرها، مما يضفي لمسة إنسانية تزيد من دقة النصوص وقبولها. وتساعد MTPE على التغلب على الكثير من القيود التي تواجهها الترجمة الآلية، إذ يسعى المترجمون من خلال التحرير البشري إلى جعل النصوص مترابطة وملائمة ثقافياً ولغوياً.

للتدخل البشري في الترجمة الآلية فوائد متعددة، أبرزها:

  1. توفير الوقت: تمكن الترجمة الآلية المترجمين من الحصول على نسخة تقريبية من النص المطلوب، مما يقلل الوقت الذي يُستهلك في كتابة النص من الصفر. ويقتصر دور المترجم بعد ذلك على تحرير النصوص وضبطها وفقاً للسياق اللغوي الصحيح، الأمر الذي يتيح للمترجم إنجاز العمل بوقت أقل وجهد أقل.
  2. حفظ التفضيلات اللغوية: إحدى الميزات الفريدة للترجمة الآلية هي قدرتها على تخزين تفضيلات المترجم للعبارات والكلمات المستخدمة بشكل متكرر. هذا يعني أنه عندما يترجم المترجم نفس النصوص في المستقبل، توفر له الترجمة الآلية نفس المصطلحات التي اعتمدها سابقاً، مما يسهل الترجمة ويعزز التناسق في النصوص المختلفة.
  3. دعم المصطلحات الأكثر شيوعاً: تعتمد الترجمة الآلية بشكل كبير على التكرار واستخدام المصطلحات الشائعة، مما يساعد المترجم على الإلمام بالكلمات والعبارات المستخدمة على نطاق واسع في اللغة الهدف. وهذا يفيد المترجمين في الاستفادة من اللغة السائدة والمعتمدة بشكل متكرر، مما يعزز من فهمهم لاختيار الأنسب والأكثر شيوعاً.
  4. توسيع نطاق الترجمة: بفضل السرعة الفائقة التي تتمتع بها الترجمة الآلية، بات بإمكان المترجمين المحترفين التعامل مع كميات ضخمة من المحتوى وترجمتها في وقت قياسي، مما يسهم في تحسين إنتاجية المترجم ويساعد الشركات على تلبية احتياجاتها الترجمية بكفاءة.

ورغم هذه المزايا، لا تزال الترجمة الآلية تتطلب حذراً خاصاً من المترجمين أثناء تحرير النصوص الناتجة، حيث قد تتضمن تعبيرات غير دقيقة أو آلية تحتاج إلى تعديل. فالتكنولوجيا لا تزال غير قادرة على التقاط المعاني الدقيقة للسياقات الثقافية أو العاطفية، مما يجعل الترجمة الآلية أداةً مساعدة تحتاج إلى لمسات بشرية دقيقة.

باختصار، تعتبر الترجمة الآلية أداة مساعدة قوية توفر الوقت وتخفض التكاليف، خاصة عند دمجها مع عملية MTPE لتحسين جودة الترجمة النهائية. إن دمج الجوانب الآلية مع الدقة البشرية يمنح المترجمين أفضل النتائج، مما يجعل الترجمة الآلية مدعومة بالتحرير البشري أحد الحلول الفعّالة والمستدامة للترجمة في العصر الحديث.

×