بالإسلام سعدنا وعززنا
1 فبراير, 2024كيف تبقى هذه الأمة عزيزة منتصرة؟!
17 مارس, 2024السلاح الأكبر
جعفر مسعود الحسني الندوي
تعالوا نتحدث عن شمائل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وخصاله الخلقية العظيمة التي فتح بها القلوب، وقاد الأمم والشعوب، وانتصر بها على الأعداء، وأرغمهم على الخضوع له، والاعتراف بفضله وكرمه، وصدقه وأمانته، وتحكيمه فيما شجر بينهم، وتخاصموا فيه.
ثم نتأمل في حياتنا، وصباحنا ومسائنا، عاداتنا وسلوكياتنا، أشواقنا ورغباتنا، أفراحنا وأحزاننا، أعمالنا ونشاطاتنا، هل يوافق كل ذلك ما دعا إليه النبي صلى الله عليه وسلم بصفاته وخصاله، أم يتعارض مع ما قدمه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من نماذج رائعة لخلقه العظيم من سعة الصدر، ولين العريكة، وكرم العشرة، وصدق اللهجة، وإنجاز الوعد، والوفاء بالعهد، ومحبة الخلق، وخفض الصوت، وغض البصر، وطهارة القلب، ونزاهة اللسان، وستر العيوب، والإحسان إلى الجيران، وصلة الرحم، وطول السكت، ودوام الفكرة، والجود والسخاء، وسرعة العطف، وكثرة اللطف، وجمال الصفح.
هل فكرنا فيما روى عنه وشهد به أصحابه البررة من أنه كان يبدأ من لقي بالسلام، ولا يجزي السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح، وينظف ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه، ولم يضرب خادمًا ولا امرأة بيده، ولا تغضبه الدنيا ولا ما كان لها، ويكرم كل كريم، ويؤلف الناس، ولا ينفرهم.
هل قارننا في يوم من الأيام بين مجالسنا ومجالس رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم؟ كان مجلسه مجلس علم وحياء، وصبر وأمانة، لا ترفع فيه الأصوات، ولا تؤبن (لا تعاب) فيه الحرم، ولا تنثى (لا تشاع) فيه فلتاته (زلاته) كان لا يذم أحدًا، ولا يطلب عورته، ولا يهتك ستره، ولا يتكلم إلا فيما رجاء ثوابه، ويجلس حيث ينتهي به المجلس.
إن كثيرًا منا لا يفكرون في هذا الجانب المهم من حياة رسولنا الأعظم صلى الله عليه وسلم، الجانب الذي يتصل بالإنسان، وله علاقة قوية بالمجتمع الذي يعيش فيه، ولا نحاول إلا أن نتأسى به في العبادة من الصلاة، والصيام، والحج، والدعاء، والذكر، ولا نسعى إلى التحلي بخلقه العظيم، كما وصفه القرآن الكريم “إنك لعلى خلق عظيم”.
ولذلك نرى أن شملنا يتشتت، ووحدتنا تتمزق، والحقد ينتشر، والعداء يزداد، والفجوة بين المسلمين تتسع، نرى أن المسلم يضيق بأخيه المسلم، ويحمل في قلبه حقدًا له، ويتآمر عليه، ويشيح وجهه عنه، إذا لقي في الطريق، ويبخل بما أعطاه الله له من المال، ولا يؤاسيه، ولا يساعده، ويتخاصم معه، ويسبّه، ويشتمه، ويهينه، ويقسو عليه.
فلذلك نعاني من الهزيمة في كل معركة من معارك الحياة، فعلينا أن نتأكد أن انتصارنا في معاركنا مع الأعداء لا يتحقق إلا بانتصارنا في معركة الأخلاق، كيف يتحقق النصر، والمسلم يحمل الضغينة لأخيه المسلم، وكيف يسود جو من الفتح، والمسلم يتآمر على أخيه المسلم، وكيف يسود جو من التلاؤم والتضامن والمسلم يضيق صدره بالرأي المخالف.
فإذا تحلينا بخلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لا نحتاج إلى استخدام سلاح، وتعبئة جيش، واللجوء إلى قوة كبيرة للانتصار في المعارك مع الأعداء، لأن الخلق النبوي هو السلاح الأكبر لتحقيق النصر والغلبة والاستيلاء على الأعداء، وتاريخنا يشهد بذلك.