حب النبي صلى الله عليه وسلم

كُفَّ لِسَانَكَ إِلَّا مِنَ الْخَيْرِ
9 يناير, 2021
إجلال الله
4 مارس, 2021

حب النبي صلى الله عليه وسلم

عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أنه قال جاءَتِ امْرَأَةٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم ببُرْدَةٍ، فَقالَ سَهْلٌ لِلْقَوْمِ: أتَدْرُونَ ما البُرْدَةُ؟ فَقالَ القَوْمُ: هي الشَّمْلَةُ، فَقالَ سَهْلٌ: هي شَمْلَةٌ مَنْسُوجَةٌ فِيها حاشِيَتُها، فَقالَتْ: يارَسولَ اللَّهِ، أكْسُوكَ هذِه، فأخَذَها النبيُّ صلى الله عليه وسلم مُحْتاجًا إلَيْها فَلَبِسَها، فَرَآها عليه رَجُلٌ مِنَ الصَّحابَةِ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، ما أحْسَنَ هذِه، فاكْسُنِيها، فَقالَ: نَعَمْ فَلَمّا قامَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم لامَهُ أصْحابُهُ، قالوا: ما أحْسَنْتَ حِينَ رَأَيْتَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أخَذَها مُحْتاجًا إلَيْها، ثُمَّ سَأَلْتَهُ إيّاها، وقدْ عَرَفْتَ أنَّه لا يُسْأَلُ شيئًا فَيَمْنَعَهُ، فَقالَ: رَجَوْتُ بَرَكَتَها حِينَ لَبِسَها النبيُّ صلى الله عليه وسلم، لَعَلِّي أُكَفَّنُ فِيه.

تخريج الحديث اخرجه البخاري برقم 2093 والنسائي ج 8 ص 204 وابن ماجه برقم 3555 والبيهقي في شعب الايمان برقم 6234.

شرح الحديث : إن هذا الحديث الشريف يحمل دلالات منوعة منها ما كان في قلوب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من حب له صلى الله عليه وسلم وكانوا يعبرون عن هذا الحب بطرق مختلفة كما يبين لنا هذا الحديث ان هذه الصحابية نسجت بردة لتكسوها رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنها ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من تواضع وبساطة وسمو خلق ودماثة سجية و كرم و لطف حيث قبل رسول الله صلى الله عليه وسلمهدية هذه المرأة و كان له اليها حاجة ؛ ثم لم يتردد في إعطائها من سأله إياها والبردة جديدة قشيبة ولم يلبسها الا مرة او مرتين  وهذا ما لا تطيب به نفوس كبار أسخياء العالم و أجواد الدنيا .

قال الامام العيني في عمدة القاري : “واستفيد من ذَلِك جَوَاز تَحْصِيل مَا لَا بُد للْمَيت منه من كفن وَنَحْوه فِي حَال حَيَاته، لِأَن أفضل مَا ينظر فِيهِ الرجل فِي الْوَقْت المهمل وفسحة الْأَجَل الِاعْتِدَاد للمعاد. وَقد قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أفضل الْمُؤمنِينَ إِيمَانًا أَكْثَرهم للْمَوْت ذكرا وَأَحْسَنهمْ لَهُ اسْتِعْدَادًا) . وَقَالَ الضميري لَا يسْتَحبّ للإِنْسَان أَن يعد لنَفسِهِ كفنا لِئَلَّا يُحَاسب عَلَيْهِ، وَهُوَ صَحِيح إلاَّ إِذا كَانَ من جِهَة يقطع بحلها أَو من أثر أهل الْخَيْر والصلحاء، فَإِنَّهُ حسن، وَهل يلْحق بذلك حفر الْقَبْر فِي حَيَاته؟ فَقَالَ ابْن بطال: قد حفر جمَاعَة من الصَّالِحين قُبُورهم قبل الْمَوْت بِأَيْدِيهِم ، ورد عَلَيْهِ بَعضهم بِأَن ذَلِك لم يَقع من أحد من الصَّحَابَة، وَلَو كَانَ مُسْتَحبا لكثر فيهم. قلت: لَا يلْزم من عدم وُقُوعه من أحد من الصَّحَابَة عدم جَوَازه”انتهى.

(عبد الرشيد الندوي)

×